ذكر أحد زملائي الكتاب أنه بدأ يستند على الذكاء الاصطناعي في كتابة مقالاته، محاولة منه لمعرفة كيف يتفاعل الجمهور مع ما يطرحه من قبل برامج الذكاء الاصطناعي. ورغم أنه سابق لأوانه تقييم الذكاء الاصطناعي واستخداماته التي سماها البعض مخيفة، فإن العقل البشري -في اعتقادي- ما زال هو الأجدر والمتقدم بخطوات على هذه التقنية، بدليل أن العقل البشري هو من أوجد هذ المنتج، ولكن هذا لا يعني -بالطبع- التقليل من حجم وتأثير هذا المنتج التقني. فعلى نطاق ما، يمكن الاستناد عليه من قبل الإعلام أو أصحاب الرأي، وفي ما يتعلق علاقة الكتاب والذكاء الاصطناعي نجد أن هناك تساؤلات لا بد أن نجيب عنها قبل معرفة نوعية هذه العلاقة، فوظيفة الكاتب تختلف باختلاف صاحبها واتجاهاته وميوله الفكرية ومدرسته الفلسفية، وكيفية تعاطيه مع الأحداث والقضايا التي يتناولها، والنتائج التي يريد الذهاب إليها، أما الذكاء الاصطناعي فقد يستعرض بيانات ومعلومات واستنتاجات مبدئية وليست عميقة.

كذلك يبقى الذكاء الاصطناعي لديه مشكلة في تحرير المفاهيم، فأي مفهوم سوف يتطرق له الكاتب يكون مبنيا على المدخلات التي أوجدت في هذا المفهوم وبيئة الكاتب والأيديولوجيا ومعتقده الديني في بعض القضايا، واستخدامات هذا المفهوم. فعلى سبيل المثال من تجربة بسيطة حول الكتابة حول مفهوم العلمانية، وجدت أن الذكاء الاصطناعي ببرامجه انطلق من منطلقات قطعية مبنية على الأطروحات والأفكار السائدة التي كتبت في هذا السياق، والمفهوم الذي بني عليه هذا المصطلح، ولم يتطرق لتلك الآراء الجدلية حوله، فبالتالي ما يطرحه أشبه بمنحنى فكري قد لا تتفق معه.

كذلك نجد أن الأسئلة التي تحاول برامج الذكاء دفعك نحوها عند التطرق لأي موضوع، تحاول أن تدعم أطروحاتها وأفكارها من خلال خوارزميات مبرمجة، لذلك هي لا تدخل في نقاش معك، بل تحاول أخذك لاستنتاجات ما تنتجه من أفكار وآراء. إن قضية الأفكار والمفاهيم من الأمور المهمة لأي فكرة يريد الكاتب أن يبني عليها آراءه أو اتجاهات أو استنتاجات يريد أن يثبتها أو ينفيها فبالتالي لا بد من تنبه الكاتب لمثل هذا الموضوع. الأمر الآخر نجد أن بعض الآراء أو المعلومات قد تدخل تحت دائرة الوعي المعلب أو الوعي الموجه الذي يدخل الكاتب في جدلية أن يفهم الوعي ووعي الوعي حتى لا يصبح ضحية هذه الكتابات والآراء من قبل برامج الذكاء الاصطناعي.

هذه التقنية وبرامجها يتسابق عليها والاستفادة منها في بعض المجالات التي قد تخدم بعض الاغراض المعرفية والعلمية أو العملية، لكن لا بد من النظر للجانب الآخر في فهم هذه البرامج ومعرفة وقياس مدى خطورتها، وبالتالي محاولة توظيفها لتدعم الإنتاج والتفكير الأنساني، فما زال العقل البشري هو المتقدم إذا ما أعطي الفرصة.

في النهاية يظل هذا رأيا مبدئيا مبنيا على تجربة بسيطة، لكن لا بد من البحث بعمق والدراسة للخروج برؤية أكثر شمولية.