انطلق الأحد الماضي صاروخ «فالكون 9» والذي يضمّ رائدي الفضاء السعوديين ريانة برناوي وعلى القرني إلى محطة الفضاء الدولية للالتحاق بمحطة الفضاء الدولية (ISI). السؤال المطروح: ماهي انعكاسات هذا المشهد الفضائي للمملكة على تعليمنا؟ بعبارة أخرى ما علاقة الفضاء بالتعليم؟

دعونا نذهب للتاريخ قليلا، في عام 1957 شعر الأمريكيون بتدني مستوى تعليمهم عندما أرسل الاتحاد السوفيتي أول صاروخ يلف حول الأرض «سبتنيك ون». وفي عام 1962، وبعد محاولات عدة في إطلاق صواريخ ومركبات للفضاء باءت بالفشل، وقف الرئيس الأمريكي جون كينيدي واعدًا شعبه بأنهم سوف يرسلون رجلاً للقمر ويرجعونه سالمًا للأرض قبل نهاية هذا العقد (الستينيات).

لقد صعق الكثير من المسؤولين الأمريكيين، خاصة مسؤولي وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) من تصريح الرئيس كينيدي لشبه استحالة تنفيذ مثل هذا الوعد آنذاك، وبالمدة القصيرة التي حددها.

ماذا فعلت الحكومة الأمريكية وقتها؟ سألت وزيرها: ماذا نريد من التعليم؟

هذا السؤال فتح آفاق رجالات التعليم في أمريكا إن الغرض من التعليم هو ربطها بالتنمية الشاملة؟ في تلك الفترة طلبت الحكومة من الكونجرس دعم التعليم وتطويره.

وتم دعم التعليم بمبلغ 51 مليار دولار، لتحسين وتطوير مناهج الرياضيات والفيزياء والبحث العلمي. وفي عام 1969، أي قبل نهاية عقد الستينات بسنة، هبطت أبولو 11 على سطح القمر ونزل منها رائدا فضاء اثنان، لا واحد، ورجعا للأرض سالمين.

كان التعليم هو سبب إنجاز الأحلام المبنية على معطيات ملموسة ومحسوسة على الأرض، إنجازات غير مسبوقة في حياة البشر الخاصة والعامة.

هكذا كانت العلاقة بين التعليم والفضاء، وعليه يجب أن نسأل بشكل أدق هل نريد تعليم من أجل معرفة أكبر كمية من المعلومات؟ أم نريد تعليما يستهدف تنمية شاملة على جميع الأصعدة؟

تعالوا معي مثلا لمادة الرياضيات، فنحن ما زلنا إلى اليوم نعلم طلابنا في التعليم العام القسمة المطولة، ونحفظهم اللوغارتميات، وفي الاختبارات نمنعهم من الآلات الحاسبة، وإذا سألت المسؤولين ما الهدف من ذلك؟

سيقال لك حتى يعي الطالب جيدًا كيف يصل إلى نتائج المعادلات الرياضية التي نطلب منه حلها في الامتحان.

في المقابل تجد أن التعليم في أمريكا يتيح للطلبة استخدام الآلات الحاسبة الإلكترونية الدقيقة والسبب يعود في نظرهم أن هذه الآلات اختصرت عليهم تضييع الوقت والجهد والمادة في تفهيم الطلبة أبجديات المعادلات الرياضية، أصبحوا يركزون فهمهم على العمليات الرياضية المتقدمة وطريقة تطبيقها في صناعة التقنية خاصة تقنية الفضاء وتطبيقاته المباشرة.

ولك أن تنظر إلى مناهج الرياضيات في اليابان ستجد أنها مهيأة لخطط ومراحل تنموية مستقبلية مدروسة محددة ومستهدفة مسبقًا. ها هي تنافس عالميًا على جودة ودقة التصنيع التقني المتناهي الدقة والصغر.

وهنا ترسم في مناهجها المادة التي تخدم هذا الهدف وتطوره. نحن نريد مناهج تخدم أهدافنا ورؤية المملكة لا نريد تحفيظ الطلبة بأكبر كم من المعلومات العلمية لترديدها وتلقينها ومن ثم نختبرهم اختبارات نقيس مدى حفظهم لهذه المعلومات؟

الآن/ هنا أتذكر كلمة للكاتب إبراهيم البليهي عندما قال: الثقافة قبل التعليم، في المرحلة القريبة الماضية كانت لدينا مناهج تعليمية، وكان النقاش الثقافي وقتها يتحدث عن قيادة المرأة للسيارة.

اليوم وفي مرحلة ثقافية جديدة صرنا نتحدث عن أول امرأة سعودية عربية رائدة للفضاء، وعليه يجب أن تتغير مناهجنا التعليمية وفق مرحلتنا الجديدة.

خطتنا القادمة مجالات واعدة للسياحة الفضائية، وتوظيف تكنولوجيا الفضاء في تطوير قطاعات الإسكان والزراعة والتعدين والمناجم، وتطوير التعليم ومواكبته لهذه الخطط كفيل بتسريع الرحلات السياحية القادمة للفضاء.