الأحياء السكنية في مدينة أبها «الحارات» لم تعد كما كانت في الماضي، بل زادت وتمددت، وازدحمت نتيجة التطور الكبير الذي شمل المدينة، وهي لا تخرج عن ثلاثة أنواع، أولا: الأحياء التراثية التي تحظى بالاهتمام والمحافظة عليها، ومنها حي القابل وحي النصب، ثانيا: الأحياء القديمة التي تعاني ضيق مداخلها، وهي محل اهتمام الجهات المعنية. أما النوع الثالث فهو الأحياء الحديثة ذات التخطيط الجيد.

ويُطلق اسم «حي» على مساحة من الأرض يسكنها الناس، بمعنى الحياة والحركة الدائبة والتعارف والتواصل والألفة، ولا يخلو الأمر من وجود مظاهر مزعجة، تختلف من مكان إلى آخر، كبعض المراهقين، وما يسببونه للسكان من قلق وازعاج في منتصف الليالي بمركباتهم وتصرفاتهم الرعناء، أو من يسابق الإمام والمؤذن إلى المسجد، لرفع الأذان بذريعة كسب الأجر عند الله، ومنهم من جعل حاويات النفايات شغله الشاغل، ويُبعدها عن الأماكن المخصصة التي حددتها الأمانة، أو الوقوف العشوائي للمركبات، وعدم إصلاح تسربات المياه من الخزانات، والعمالة السائبة، وألواح الزنك على أسوار الأفنية الخارجية وأسطح المنازل دون أسباب مقنعة، مما أسهم في التشوه البصري. كما أنها خطيرة على الناس والممتلكات، ففي حالة هبوب رياح قوية قد تقتلعها من أماكنها.

ومع ذلك، فإن تلك الأحياء مليئة بالمبدعين والمحبين للعمل الخيري، والغيورين على الوطن ومقدراته.

ومن المفيد إقامة مكتب عمل تطوعي لكل حي، يعمل به خمسة أشخاص من أهل الخبرة والثقافة والمعرفة بمسمى «مكتب الجيران»، وتكون له صلاحيات بسيطة جدا، لإبلاغ الجهات المختصة عن الملاحظات، وتشجيع المبادرات التطوعية ومهارات التواصل، وتلقي المقترحات، والتنسيق مع المدارس القريبة، لتخصيص يومين من أجل الاستفادة من الملاعب المدرسية في مزاولة الرياضة خلال الفترة المسائية، وتنظيم زيارات للجمعيات الخيرية والشركات والمؤسسات التي تنفذ مشروعات، وتقدم الخدمات التنموية والاجتماعية، وغيرها من المبادرات الخلاقة التي ستُحدث حراكا اجتماعيا - بإذن الله تعالى.

وأتذكر منذ عقدين، كانت هناك مجالس الأحياء في أبها، ولا أعلم أسباب توقفها، وأعتقد أن فكرة المكاتب التطوعية، إن تم الأخذ بها، ستؤدي دورها بحول الله، ويمكن تطويرها، حتى تصل إلى المستوى المطلوب، لخلق التنافس بين الأحياء في كل ما يعود بالخير والنفع على الجميع.

أتمنى دعم هذا المقترح، وتطبيقه على أرض الواقع من خلال ترشيح، ثم تكليف أعضاء لكل مكتب لثلاث سنوات، والتجديد مرة واحدة إذا كانت هناك إنجازات، أو يتم اختيار آخرين من أهل الحي.