كنت أسمع بها حتى أصبحت أتلقى أسبوعيًا عدة أفراد يطرقون باب منزلي للسؤال عن اسم مالك العقار.. هناك من انطلت عليه الخدعة ودفع مبالغ تصل لثلاثين ألف ريال سعودي، ادعوا أنهم مكتب عقار مسؤول عن العقار المراد، وهناك من دفع فقط عربونًا من «ألف، ألفين..إلى خمسة آلاف»، رأيت أمامي مشاعر الغبن والألم، منهم من بكى ومنهم من حاول التواصل مع الرقم الوهمي، ومنهم من خرج وهو يدعو ربه اللطف في مصيبته.

الآن وأنا أكتب هذه المقالة سمعت أصواتًا وإزعاجًا في ممرات المجمع السكني الذي أسكن به، خرجت لأطلب منهم التزام الهدوء، كانوا ممن نصب عليهم، ولكن بوقع أكبر، سكنوا بالأمس اعتمادًا على أن المسكن مفتوح الباب للعرض، واليوم قدم مالك العقار القانوني وطلب منهم الخروج كإنذار ولم يخرجوا.. كسر الباب وأخرج متعلقاتهم جبرًا، العائلة في حالة صدمة وتطلب المساعدة، وجهتهم لمركز الشرطة في شأن من نصب عليهم، أما مالك العقار فله كل الحق بحماية ممتلكاته، خطأهم أنهم لم يتأكدوا.

أساس انطلاء هذا التحايل على الغالبية، هو استغلال منصة تعاقد معروفة، وهي أن بإمكان أي شخص تصدير عقد إلكتروني بالمعلومات التي يريدها باستخدام هوية صاحب العقار الذي أوكل له هذه المهمة. المواقع الحكومية لديها الثقة الكاملة في المواطن والمقيم وغير قابلة للنقاش، هي تعتبر وثيقة تصديق لأطرافها، رغم تكرار الشكوى؛ مازال أصحاب العقارات يسلمون معلوماتهم لمتنفذين أجانب دون حساب أو عقاب، مما تسبب في هذه الكارثة الكبيرة! وذلك سيؤثر سلبًا في مصداقية مثيلاتها بقطاع أتمتة الخدمات وحوكمتها!.

هذا التحدي يجب أن تتحمله الجهة المعنية لتنظيم السوق العقاري والجهات الأمنية، أولا محاسبة ملاك العقار والمكاتب العقارية الحاملة للترخيص، والتي على أثرها تم تصدير العقود، ثانيًا عدم قبول نظام التستر الحاصل والتفتيش ووضع حلول لحوكمة أكثر فاعلية بما يتناسب مع آليته.

أرى إيقاف العمل على منصات التعاقد ما لم تنجح في اختبار مصداقية استخدامها وحوكمتها، وننتظر ملاحقة أصحاب الأرقام الهاتفية والحسابات البنكية التي قامت بالنصب، والأهم من ذلك كله محاسبة مالك العقار الذي بتساهله تسبب في تحول منصة رائعة لحفظ الحقوق إلى منصة يمكن للمحتالين استخدام موثوقيتها لاستكمال احتيالهم.

أخيرًا.. تساهل بعض المواطنين بحفظ معلوماتهم الخاصة وإدارة أصولهم وممتلكاتهم بتسليمها لآخرين «أجانب» سهل على شبكة محتالين كبيرة استهداف أمن المجتمع السعودي.