تلعب المعادن الحيوية والإستراتيجية دورًا محوريًا في تشكيل مشهد الصناعة والتكنولوجيا الحديثة حيث تعتبر هذه المعادن ضرورية لمختلف التطبيقات التي تتراوح من الإلكترونيات إلى الطاقة المتجددة، وهي جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي.

لنعرج أولًا على تعريف ماهية المعادن الحرجة والإستراتيجية وهي المعادن محدودة الوفرة والضرورية للتحول للطاقة الخضراء غير الضارة بالبيئة مثل الليثيوم مما يجعله حيويًا لسوق السيارات الكهربائية المتنامي وأنظمة تخزين الطاقة، والمعادن الاستراتيجية هي موارد تعتبرها الدول حيوية لتنميتها الاقتصادية والصناعية مثل النيوديميوم والديسبروسيوم، وهي ضرورية لتصنيع مغناطيسات عالية الأداء تستخدم في الإلكترونيات وتوربينات الرياح.

أدى التوزيع العالمي للمعادن الحيوية والإستراتيجية في حقبة ما بعد كورونا والحرب بين روسيا وأوكرانيا..إلخ إلى نقصانها واختلال سلاسل الإمداد العالمية، وقد أدت هذه المخاوف بشأن المنافسة على الموارد، والتوترات التجارية، والصراعات الجيوسياسية المحتملة إلى بروز دور السعودية كلاعب محايد وسط مستقر سياسيا في ظل هذه التوترات العالمية، وهذا على أصعدة عديدة والصعيد التعديني الدولي أحدها.

ولعل أوضح الجهود التعدينية الدولية ما تقوم به وزارة الصناعة والثروة المعدنية من إقامة مؤتمر التعدين الدولي والذي سوف يقام في يناير الجاري 2024، ويهدف ضمن أهداف عديدة لاستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية مع حزمة محفزات متميزة، والمؤتمر ساحة لحوارات تعدينية علمية رفيعة المستوى، وفي هذا المؤتمر سوف يقام كذلك اجتماع الطاولة المستديرة للوزراء المعنيين بشؤون التعدين، ولعلنا أمام لحظة تاريخية تشبه تلك التي ساهمت في إنشاء أوبك للنفط فسوق المعادن الدولي غير منظم، وتشوبه الكثير من العيوب ومع ازدياد الصراعات بأنواعها فإن الوزارات المعنية بالمعادن في العالم بحاجة لمنظمة دولية، وربما يكون هذا من أهداف رؤية المملكة 2040 أو حتى 2030 الحالية.

المملكة لها ثقلها في النفط كما في المعادن حيث إن لدينا 1.3 تريليون دولار قيمة المعادن غير المستغلة، والرقم بالطبع قابل للزيادة، فمن المفهوم إذا مع المشاريع البارزة لوزارة الصناعة والثروة المعدنية أن تتجه نحو كيفية إدارة الصراعات الدولية في سوق المعادن الحرجة والاستراتيجية، وربما يكون في الرياض لاحقًا بورصة تعاملات دولية بهذا الشأن تخدم المزايا اللوجستية للمملكة نظرًا لموقعها الاستراتيجي. إننا جزء مهم ومؤثر من المجتمع الدولي وما مؤتمر التعدين الدولي بنسخته الثالثة إلا خير مثال على ذلك.