يروي سيدنا عبدالمطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبدالمطلب، فيما أخرجه الترمذي، أن سيدنا العباس بن عبد المطلب، دخل على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مغضبا وهو عنده، فقال، ما أغضبك؟ قال: يا رسول الله! ما لنا ولقريش! إذا تلاقوا بينهم، تلاقوا بوجوه مبشرة، وإذا لقونا، لقونا بغير ذلك، قال: فغضب، صلى الله عليه وسلم، حتى احمر وجهه، ثم قال: والذي نفسي بيده، لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله ولرسوله، ثم قال: يا أيها الناس! من آذى عمي فقد آذاني، فإنما عم الرجل صنو أبيه«، والحديث يشير لمسارعة الصحابة إليه، صلى الله عليه وسلم، إذا أصاب أحدهم الهم من أي أمر، يشكون علتهم، ويحكون مشكلاتهم، فيجدون عنده، صلى الله عليه وسلم، الدواء والشفاء، وفيه بيان منقبة العم وأنه كالأب في المكانة والمنزلة، وفضل سيدنا العباس، وأن الحب الصادق لآله، صلى الله عليه وسلم، من الإيمان؛ ومن الروايات قوله، عليه الصلاة والسلام، لسيدنا عمر بن الخطاب، في حديث أبي داود، عن الزكاة:»أما شعَرتَ أنَّ عمَّ الرَّجلِ صِنوُ الأبِ«أو»صنوُ أبيهِ«..

استشهادي بالحديثين الشريفين؛ لغصتي بفقداني لعمي وحبيبي السيد طه بن حسن فدعق، الذي رحل لدار البقاء، ظهر الثلاثاء الماضي، بعد 72 سنة جميلة قضاها مسترشدا بتعليمات والده سيدي الجد، الفقيه الشافعي، والإمام بالمسجد الحرام، في خدمة مجلسه العلمي ومرتاديه، جنبا إلى جنب مع والدي وأعمامي، رحم الله من سبق، وحفظ الباقين، إضافة لتخرجه في مدارس الفلاح بمكة المكرمة عام 1395، ثم نيله درجة البكالوريوس في»الحضارة والنظم الإسلامية«من كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، بجامعة أم القرى عام 1402، وعمله مباشرة في مركز»الوسائل وتقنيات التعليم والتلفزيون التعليمي»، التابع آنذاك لإدارة الخدمات والتعليمية والفنية بالجامعة، حتى تقاعده النظامي عام 1433، وكان بشهادة المنسوبين الذين مروا عليه مثالا للإنسان الفاضل الصادق المخلص، ولم يفارقهم، ولا من درس معهم إلا في الـ6 سنوات الأخيرة التي أقعده فيها مرض أصاب أعصابه، وأثر في تحركاته، محاطا برعاية زوجه ابنة الرجل الشهم العم السيد علوي بن علي فدعق، وأولاده وبناته، إخوتي وأخواتي محمد ويوسف ويونس وإسراء ولجين، بارك الله فيهم، وجبر مصابهم والجميع..

أختم بأن الموت والتفكير فيه قد يرشد الأسوياء للحياة، بخاصة وأنه وبما يحفل من دروس وعبر قادر على تبصرتنا بما عندنا، ومحفز على التقليل من اهتمامنا بالتفاهات، ويعطينا الراحة من القلق، ويعيد ترتيب أولوياتنا، ويبعدنا عن الانغماس الأعمى في العالم الدنيوي، ويؤكد لنا أهمية العلاقات الاجتماعية الطيبة والإحسان، وبشاعة التسلط والقوة الظالمة وغيرها من التصنعات والمظاهر، ومختلف الزائفات؛ رحم الله عمي طه، وكل من سلف ممن أحاطنا بقلبه، أو أحاطته قلوبنا.