انتهى شهر الصوم بكل ما فيه من نظام مختلف في الأكل والنوم، فمعظم الناس يسهرون الليل وينامون ساعات أطول نهارًا. الكثيرون سهروا ليلة العيد بهجة واحتفالًا، وكانوا يغطون في نومٍ عميق يوم العيد حتى ساعات متأخرة من المساء وسهروا تلك الليلة أيضًا، إلا القلة القليلة. فأصبح الكثيرون يعانون من اضطراب نومهم، وما هي إلا أيام حتى وجدوا أنفسهم يعودون لأعمالهم و مقاعد دراستهم، فماذا يصنعون؟ وماذا ينبغي عليهم أن يفعلوا حتى يعيدوا ساعتهم البيولوجية لسيرتها الأولى؟

الساعة البيولوجية مسؤولة عنها مجموعة من خلايا عصبية، توجد فوق نقطة التقاء العصبين البصريين فى قاع الجمجمة. عمل هذه الخلايا يرتبط بالضوء الذى يخلق التزامن بين الساعة الداخلية ودورات النور. حقيقة هذه الخلايا لا توجد فقط في الدماغ بل في خلايا أعضاء أخرى من الجسد، وهي (دورة سركادية) تتفاعل وتنسجم مع النوم والراحة بالليل، والعمل والاستيقاظ بالنهار. هذه الساعة هى التى تشعرنا بالزمن وتنظم إيقاع حياتنا، تحدد أوقات النوم واليقظة، وتشعرنا بالجوع عندما يحين موعد الوجبة، تبرد أجسامنا ليلًا وتسخنها نهارًا. كما أن معظم الذين يستخدمون الساعات المنبهة، يستيقظون عادة قبل أن يرن المنبه بلحظات، وكأن فى أجسامهم منبها داخليًا يوقظ فى الموعد المطلوب.

فما الذي يجعلها تضطرب؟ أول أسباب خللها السهر، فهو خلال إجازة نهاية الأسبوع كفيلٌ باضطرابها، فتجد صعوبة في العودة لنظام نومك المعتاد في أول يوم عمل أو دراسة، العمل الليلي أو نظام المناوبات، عدم التعرض للإضاءة الطبيعية الكافية في اليوم، السفر، الحمل، الإكثار من الكافيين خصوصًا في ساعات المساء، والتعرض بكثرة للضوء الأزرق المنبعث من الشاشات والإلكترونيات، كلها تسبب اضطرابات في النوم.

ومن علامات اضطراب الساعة البيولوجية قلة النشاط في النهار، الأرق وكثرة التبول أثناء الليل، الصداع وآلام في الجسم، تقلبات المزاج، كثرة الاستيقاظ أثناء الليل، واضطرابات الهضم.

النوم أحد مقومات العيش وهو مهم لجودة أداء الأعضاء، يمنح الطاقة ليستطيع الإنسان تأدية أعماله، يساعد الجسم على مكافحة المرض عن طريق تعزيز الجهاز المناعي، يجدد خلايا الجسم ويقوي الذاكرة، فقلة النوم تزيد من معدل الإصابة بالخرف. يقلل مخاطر ارتفاع ضغط الدم ومعدل حدوث النوبات القلبية، يساعد على التقليل من خطر الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري، من خلال مساعدة الجسم في الحفاظ على مستويات سكر الدم الطبيعية.

يختلف الاحتياج للنوم من شخص لآخر، وعادة ما تتراوح بين 6 إلى 10 ساعات يوميًا. يقول باحثون إن النوم 5 ساعات في الليلة على الأقل من شأنه أن يقلل من المشاكل الصحية التي قد يتعرض لها البالغون الذين تجاوزا الخمسين من عمرهم.

لتعديل الساعة البيولوجية عليك:

الاستيقاظ بـ 2-3 ساعات أبكر عن المعتاد، والتعرض أكثر لضوء النهار والشمس في الصباح.

تناول وجبة الإفطار في أسرع وقت بعد الاستيقاظ.

ممارسة الرياضة في الساعات الأولى من النهار وتجنبها في المساء.

عدم تناول الوجبات الدسمة في الأوقات المتأخرة من اليوم.

الابتعاد عن الكافيين بعد الساعة الخامسة مساء.

إيقاف القيلولة العشوائية، وهي غفوة قصيرة لمدة 15 إلى 20 دقيقة ما بين ساعات الظهيرة والساعة الثانية بعد الظهر وليس بعد ذلك.

ممارسة بعض الأنشطة قبل موعد النوم، كالقراءة، الكتابة، أو التأمل.

أخذ حمام دافئ قبل موعد النوم.

الذهاب إلى النوم ما بين 2-3 ساعات أبكر عن المعتاد، على أن لا تقضي أكثر من 20 دقيقة في التقلب، وبدلًا من ذلك، انهض من الفراش وافعل شيئًا يساعدك على الاسترخاء في إضاءة منخفضة للغاية، ثم عد إلى فراشك لتنام.

الحفاظ على وقت النوم والاستيقاظ نفسه يوميا.

تهيئة مكان النوم بحيث يكون مريحًا ومناسبًا من ناحية السرير ودرجة حرارة الغرفة.

الابتعاد عن الشاشات الإلكترونية قبل النوم بوقتٍ كافٍ.

تحديد أوقات النوم والاستيقاظ يعد أمرًا ضروريًا لإعادة نومك للمسار الصحيح. اتباع روتين بسيط قد يساعد من يحبون السهر على تعديل ساعاتهم البيولوجية، وتحسين صحتهم الجسمانية والنفسية.