صحافة المواطن هي نوع من الصحافة يشارك فيه أفراد من عامة الناس في جمع ونقل وتحليل ونشر الأخبار والمعلومات، وذلك من خلال استخدامات الإنترنت كبوابة أساسية، ثم من خلال ووسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة. بمعنى آخر، يمكن لأي شخص أن يكون صحفيًا مواطنًا، دون الحاجة إلى أي دراسة أو تدريب رسمي أو شهادة في الصحافة. كل ما يحتاجه هو هاتف ذكي أو جهاز كمبيوتر واتصال بالإنترنت، وهي النقطة المفصلية الإيجابية/ السلبية في كل هذا المسار.

فصحافة المواطن ميزاتها وإيجابياتها كثيرة جدًا ولعل أبرزها التحرر من الرقابة وسهولة الوصول، وللجميع حق نشر ما يريد، في فضاء مفتوح غير خاضع لتوقيت أو مكان محدد. لكن استخدامات هذا النوع من الصحافة والمحتوى اليوم يجعلنا في حالة شك دائمة، كونها تنشر المعلومات المضللة وتستخدم عناوين مثيرة للجدل لجذب الانتباه، دون مراعاة دقة المحتوى وحدود الأخلاقيات، وبالتالي فهي تفتقر إلى المهنية، وتميل إلى تغطية الأحداث من وجهة نظر محددة، ونشر محتوى تحريضي أو مسيئ لفئات معينة من الناس. لذلك لا ينصح بالاعتماد على صحافة المواطن كمصدر موثوق للمعلومات مهما كان السبب.

اليوم هذه الصحافة حرمت كثيرين من الاستمتاع بتفاصيل حياتهم فتجدهم يدفعون مئات الريالات لحضور حفلة أو مباراة لكنهم يتفرغون لتوثيق اللحظات التي قد لا يعودون لها مجددًا في ذاكرة هواتفهم، أو قد تكون بوابة للأزمات لأنفسهم، أو تصيد عثرات وأخطاء الآخرين. فكما ذكر الزميل الإعلامي وليد الفراج في منشور على منصة «x» أن الناس اليوم والجمهور الرياضي تحديدا أصبح يحضر المباريات ليتصيد على الجمهور المنافس أو لاعبي الفريق المنافس، إما بحركة معينه أو حوار ما، لا ينقله لنا الناقل الرسمي. بخلاف أن الثقافات مختلفة والحركات لها دلالات مختلفة، تصويرها وجعلها في سياق معين لن يضيف شيئًا للمشهد الرياضي. فهي لن تجعل الفريق الخاسر فائزًا ولا العكس. إضافة إلى أنك خسرت متعه الفرجة بسبب انشغالك بهاتفك.

التوثيق لبعض المناسبات والرحلات والفعاليات جيد لا بأس به، إذا كان الهدف الذكرى أو توثيقها بوجود شخص يعنيك في الرحلة. أما إذا كان التوثيق على مدار الفعالية ويحرمك المتعة ويجعلك شيطانًا متحركًا تبحث عن زلات الآخرين، فهنا نتمنى أن يكون لصحافة المواطن حارس بوابة ديكتاتور، يقمع ويكبح جماح رغبات الشيطان الذي بداخلك ولا يبالي.