وسط هذه الأجواء، برزت مبادرة مثل «امش 30» والتي أطلقتها وزارة الصحة كعلامة فارقة لدعم جودة الحياة التي تعد محورًا جوهريًا في رؤية السعودية 2030. كان مشهد المواطنين وهم يمارسون رياضة المشي والجري في المماشي العامة في مختلف مناطق المملكة رمزًا حيًا لروح الرؤية، التي جعلت جودة الحياة والرفاه المجتمعي من أبرز أولوياتها.
في إطار المساعي الوطنية لتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030، تبرز المبادرات المجتمعية والصحية كأدوات فاعلة لدعم جودة الحياة، ومن أبرزها مبادرة «امش 30»، التي تهدف إلى تعزيز النشاط البدني بين أفراد المجتمع، انسجامًا مع أهداف الرؤية نحو بناء مجتمع أكثر صحة وحيوية.
أطلقت وزارة الصحة هذه المبادرة لتشجيع المواطنين والمقيمين على ممارسة رياضة المشي لمدة 30 دقيقة يوميًا، إيمانًا بأهمية النشاط البدني في الوقاية من الأمراض المزمنة، وتعزيز الصحة العامة، ورفع متوسط العمر الصحي للفرد. ويُعتبر المشي من أبسط وأكثر التمارين فاعلية لتحسين اللياقة القلبية والتنفسية، وتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكري والسمنة. وقد حظيت المبادرة بدعم ورعاية كبيرة من القيادة الرشيدة، حيث شارك أمراء المناطق ووزير الصحة وكبار المسؤولين من مختلف القطاعات في فعاليات المشي بمختلف مدن المملكة، تأكيدًا على أهمية هذه المبادرة الوطنية، وتجسيدًا لالتزام الدولة بجعل الرياضة أسلوب حياة لجميع أفراد المجتمع. وتُعد مبادرة «امش 30» أكبر فعالية مشي على مستوى المملكة، حيث شاركت فيها أكثر من 120 مدينة ومحافظة بمختلف مناطق المملكة، وبلغ عدد المشاركين فيها أكثر من 200 ألف مشارك، في مشهد وطني رائع عبّر عن تلاحم المجتمع وحماسه لتحقيق مستهدفات رؤية 2030.
مع كل الفوائد الصحية المثبتة للمشي، فإن الأدلة العلمية الحديثة تؤكد ضرورة دمجه مع تمارين المقاومة، مثل تمارين الأوزان أو التمارين المعتمدة على وزن الجسم، مما يضاعف من الفوائد الصحية، حيث يعزز الكتلة العضلية، يقوي العظام، ويسهم في تحسين التوازن والوظائف الحركية، ويعزز من كفاءة عملية الأيض خاصة مع التقدم في العمر. لذا فإن التوسع في برامج المشي، مع التوعية بأهمية إدخال تمارين المقاومة، يُعد خطوة مكملة لتعظيم الأثر الإيجابي على الصحة العامة وتحقيق أهداف الرؤية في بناء مجتمع أكثر نشاطًا وحيوية.
وبحسب التقرير السنوي لرؤية 2030 الصادر عام 2025، فقد حققت المملكة تقدمًا ملحوظًا في مؤشرات جودة الحياة؛ إذ أشار التقرير إلى ارتفاع نسبة ممارسي الرياضة الأسبوعية إلى أكثر من 48 % مقارنة بـ13 % فقط عند إطلاق الرؤية. ويُعزى جزء من هذا الإنجاز إلى حملات ومبادرات توعوية ناجحة مثل «امش 30»، التي أسهمت في تغيير السلوك المجتمعي نحو أنماط أكثر صحية ونشاطًا.
لم تقتصر آثار مبادرة «امش 30» على الصحة الجسدية فحسب، بل امتدت إلى تعزيز الصحة النفسية والترابط الاجتماعي من خلال تنظيم فعاليات جماعية ومسابقات محفزة، وهو ما انعكس بدوره على تحقيق جانب آخر من أهداف الرؤية الرامي إلى بناء مجتمع نابض بالحياة، متماسك ومتفاعل.
مبادرة «امش 30» تجسد نموذجًا عمليًا لتفعيل الشراكة المجتمعية مع الأهداف الوطنية الكبرى، مؤكدة أن تعزيز السلوكيات الصحية اليومية هو حجر الأساس لبناء مستقبل مزدهر، وتحقيق تطلعات رؤية 2030 نحو مجتمع أكثر صحة وسعادة.