في أمسية أدبية احتضنتها «ثلوثية الحميد» بمدينة أبها، اختار الأديب والإعلامي الدكتور أحمد بن عبدالله التيهاني أن يقدم ورقة ترصد نشأة المقالة بمنطقة عسير، في البيت الذي كانت لأدبائه الأوائل الريادة في هذا الفن، إذ كان الأديب عبدالله بن علي بن حميد، وابنه الأديب محمدبن عبدالله الحميد، من أوائل كتاب المقالة المنتظمة في عسير منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي.

واستُهل اللقاء بكلمة تعريفية، قدّم فيها الدكتور عبدالله الحميد سيرة الضيف، الأكاديمية والثقافية والشعرية، وبدأ بعدها التيهاني عرضه بورقة وصف فيها المقالة كفن أدبي في المقام الأول، رابطًا إياها بجذورها في فن الرسائل بالتراث العربي، ومستشهدًا بنماذج من رسائل الجاحظ وعبدالحميد بن يحيى الكاتب، ثم تطرق إلى العلاقة الوثيقة بين المقالة الحديثة والصحافة.واستعرض التيهاني خلال الأمسية التي حضرها نخبة من الأدباء والمثقفين والإعلاميين ، مسيرة المقالة الأدبية في منطقة عسير من خلال تتبع إنتاج الأدباء في عدد من الصحف والمجلات، مثل: البلاد السعودية، اليمامة، قريش، الرائد، قافلة الزيت، والمنهل. وتوقف عند تطورات المقالة منذ مطلع التسعينيات، لافتًا إلى الزوايا الثابتة التي برزت في ذلك الوقت، مثل «كلمات ساهرة» للكاتب أحمد عسيري، و«مسودات» لمحمد زايد الألمعي، وغيرهما.

تحولات المقالة


كما سلط الضوء على تحولات المقالة في ذلك العقد بظهور جيل جديد، وتوسّع الموضوعات التي تناولها الكتّاب، مشيرًا إلى دور مجلة «تجارة الجنوب»، الصادرة عن الغرفة التجارية بأبها، في إبراز أسماء جديدة من أبناء المنطقة، كانت لهم بصماتهم في المشهد الثقافي لاحقًا. ولم تغب صحيفة «الوطن» عن السياق، إذ أكد التيهاني أن صدورها أحدث أثرًا إيجابيًا كبيرًا، وأدى إلى بروز عدد من الكتّاب المؤثرين، مستعرضًا أسماء رائدة وأخرى جديدة أظهرتها الصحيفة في مشهدها الثقافي المتجدد. كما أشار إلى دور مراسلي الصحف المحلية في إثراء المشهد المقالي، ذاكرا عددًا من الأسماء التي أسهمت في هذا المجال. وحفلت الأمسية بعدد من المداخلات التي أثرت اللقاء، وحيّت جهد المحاضر في توثيق الحركة الأدبية في عسير، شعرًا ونثرًا، مشددين على أهمية العودة إلى أرشيف الصحف والمجلات، لاستكمال هذا الجهد التوثيقي.

واختتمت الأمسية بتكريم التيهاني بدرع من «ثلوثية الحميد»، قدّمه أبناء الأديب الراحل محمد الحميد، تقديرًا لجهوده الثقافية المتميزة.