حقق كبار السن في السعودية (من تجاوزوا الـ55 من أعمارهم) مركزا متقدما عالميا في مستوى الصحة الذهنية، متخطين عددا من الدول الغربية التي تملك أنظمة دعم نفسي متطورة، وذلك وفقا لتقرير «الحالة الذهنية للعالم 2024» الصادر عن مختبرات سابين (Sapien Labs).

واستند التقرير إلى بيانات باستخدام تقييم MHQ، وهو استطلاع شامل عبر الإنترنت للوظائف العقلية يوفر مقياسا عاما يتعلق بالقدرة على التعامل مع ضغوط الحياة العادية والعمل بشكل منتج.

وتم تجميع بيانات التقرير عبر أكثر من مليون رد في عامي 2023 و2024.


وتخطى كبار السن السعوديون نظراءهم في دول مثل فرنسا وإيرلندا وإسبانيا وبيلاروسيا وأستراليا ونيوزيلندا وبلجيكا وألمانيا واليابان والمملكة المتحدة.

ووفقا لبيانات التقرير، يتجاوز معدل كبار السن السعوديين (الذين تجاوزوا 55 عامًا) 102.6 نقطة على مؤشر MHQ، ما يؤكد أنهم ينجحون في التعامل مع مختلف جوانب حياتهم ويعملون بشكل منتج.

ويعيد هذا التقرير العالمي رسم خارطة الحالة النفسية، ويكشف عن نتائج غير متوقعة حول صحة العقل بين الأجيال المختلفة في المملكة العربية السعودية، موضحا أنه على نحو مخالف لجميع التوقعات فإن كبار السن هم الأصحّ والأقوى ذهنيًا؟

قيم المجتمع سببا

لبيان الأسباب التي جعلت من كبار السن في السعودية أكثر استقرارًا نفسيًا من شبابها أشارت الدراسات إلى أن الروابط الأسرية القوية، والصلات الاجتماعية الوثيقة، لعبت دورًا محوريًا في هذا التفوق الملحوظ. إذ أشار أكثر من 74% من كبار السن إلى شعورهم بالقرب من العائلة، مقابل 45% فقط من الشباب، في ظل تراجع تدريجي للقيم الأسرية التقليدية بين الأجيال الشابة.

كما أن نسبة التوتر لدى الكبار لا تتجاوز 9.3%، مقارنة بـ37.9% لدى الشباب، وهو فارق كبير يُبرز مدى التباين بين الأجيال في مستويات الاستقرار النفسي.

الشباب تحت التهديد النفسي

لم يكن التباين في الاستقرار الذهني والنفسي بين الأجيال هو المحور الوحيد في الدراسة بل نشر التقرير الصحي ما يشبه الصدمة الجديدة، مؤكدًا أن مستوى صحة الشباب النفسي يقل عن المُتوقع.

فعلى النقيض من صحة كبار السن الذهنية والنفسية يأتي الشباب السعودي على رأس القضايا الصحية النفسية، حيث سجل مؤشر MHQ لهم معدلات منخفضة للغاية، لا تتجاوز 38 نقطة على المستوى العالمي، وهو رقم يُحذر من كارثة محتملة إذا استمر الوضع على حاله مع ما يواجهه هؤلاء من ضغوط نفسية متزايدة، قد تؤدي إلى تدهور قدراتهم الإدراكية، وتركيزهم، ومرونتهم النفسية، والتي تُعد أساسية للاستقرار والتنمية.

وتُعزى هذه الحالة إلى عوامل عدة، من بينها ضعف الروابط الاجتماعية، الاعتماد المفرط على التكنولوجيا، وتناول الأطعمة غير الصحية، وارتفاع معدلات التلوث البيئي، ما يجعل الشباب أكثر عرضة للاضطرابات الذهنية والأمراض النفسية، ويخلق فجوة هائلة بين الأجيال من حيث الصحة النفسية.

مشكلة عالمية

أما على المستوى العالمي، فيظهر التقرير أن مشكلة الشباب ليست خاصة بالسعودية فقط، بل هي منتشرة بشكل أوسع، مع تراجع حاد في معدلات الصحة الذهنية، إذ بلغ متوسط نقاطهم حوالي 38 نقطة، بينما لم تتمكن سوى 18% من الدول من تجاوز حاجز 50 نقطة.

ويُعاني أكثر من 41% من الشباب على مستوى العالم من اكتئاب وقلق يؤثران على قدراتهم المهنية والاجتماعية، مما يستدعي إعادة هيكلة أنظمة الدعم الصحي والنفسي العالمية.

توجهات سعودية

في ظل هذه التحديات، تبرز جهود المملكة بقيادة رؤية 2030 وبرامجها الصحية الجديدة، التي تهدف إلى تعزيز الصحة النفسية، خاصة عبر دعم الفئات المتوسطة والعالية الإنتاجية. وأكدت الدكتورة تارا ثياجاراجان، رئيسة العلماء في مختبرات سابين، أن السعودية تُظهر إشارات جيدة في هذا المجال، مع تفاوت ملحوظ بين الأجيال، وتوجيهات واضحة نحو حماية واستدامة القيم الاجتماعية، مع تحديث السياسات الوطنية وتبني إستراتيجيات متوازنة.

مستقبل يتطلب وقفة

من جانب آخر، يُحذر التقرير من أن التغيرات الاجتماعية، التكنولوجية، وحتى البيئية، تفرض على المجتمع الدولي، والمنظّمات الصحية، وأولياء الأمور، إعادة النظر في إستراتيجيات الدعم النفسي، خاصة للأجيال الصاعدة. فالصحة النفسية ليست رفاهية، بل ضرورة، وتتطلب اهتمامًا واستثمارًا جديًا في بناء جيل قوي، مرن، ومستقر نفسيًا، لضمان مستقبل أكثر إشراقًا.

المؤشر قسم الدول إلى 4 فئات

ـ الأعلى بينها حققت درجة +110، ومن بينها:

فنلندا

ماليزيا

سنغافورة

الفليبين

ـ المتوسطة حققت 100 ـ 110، ومن بينها:

السعودية

أمريكا

كندا

النمسا

الصين

هونغ كونغ

أرمينيا

الأوروجواي

ـ الثالثة حققت 90 ـ 100، ومن بينها:

فرنسا

إيرلندا

إيطاليا

إسبانيا

ـ الرابعة حققت أقل من 90، ومن بينها:

روسيا

اليابان

بلجيكا

ألمانيا

المملكة المتحدة