قد تختار عدم الزواج أو الإنجاب بشكل نهائي فهذا رأيك وتلك قناعاتك ولن أناقشك فيها أو أنتقدك عنها، لكن هناك نوعًا آخر ممَّن فضَّل عدم الزواج باكرًا أو لم يرغب في أن يكون له أولاد من صلبه ثم ندم على ذلك في وقت لم يعد الندم مجديًا، وسأخبرك لماذا، أولًا: قد يتسبب تأخير الإنجاب بالنسبة إلى المرأة في حدوث مشكلات صحية وتضاؤل نسبة الإنجاب لديها مع التقدم في السن، أما بالنسبة إلى الرَّجل فلنفترض أنك عزيزي القارئ قد أصبح لديك أولاد بعد سن الأربعين، فهل ستستطيع تربيتهم بنفس الصرامة والحزم والنَّفس التي لدى رجل آخر متزوج في أواخر العشرينيات وعنده أولاد في بداية الثلاثينيات من عمره؟ نقطة أخرى تتعلق بالفرق السنِّي والجيلي الشاسع بينك وبين أبنائك والذي تزداد آثاره كلما تقدَّمت في السن.
«اللِّي خلِّف ما ماتش» مقولة كان يُرددها آباؤنا وأجدادنا قديمًا، فإنجابك للأولاد له علاقة وثيقة بتواصل نسلك وعدم انقطاعه، بخاصة إذا ما عملت على تربيتهم وتعليمهم على أحسن وجه، فمن المؤكد أن ثمرة تربيتك ستكون ماثلة في أبنائك وستكون سمعتهم الطيبة بين الناس امتدادًا لسمعتك، ثم ألم يقل النبي -صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»؟
قد تغرك مغريات الحياة -عزيزي القارئ- وأنت تتنقل من نجاح إلى نجاح ومن مرحلة إلى أخرى لتجد نفسك قاربت السبعينيات من عمرك دون أن تنجح في تأسيس عائلة خاصة بك، والتي كنت تظن أنها عائلتك من إخوة وأخوات انقسمت هي الأخرى وكونت عائلات صغيرة وأحفادًا، ولنا في دور العجزة والمسنين ممَّن لم يجدوا مأوى يأوون إليه أو عائلة تتداول على رعايتهم وتحيطهم بالحب والاهتمام أكبر مثال.