يشير الدعم الاجتماعي إلى شبكة العلاقات والموارد النفسية والسلوكية التي يحصل عليها الفرد من الأسرة والأصدقاء ومقدمي الرعاية والمجتمع، والتي تساعده على مواجهة الضغوط، وتحسين صحته النفسية والجسدية. ومن الفئات المستهدفة بالدعم الاجتماعي مريض السلياك نفسه، وأسرته المباشرة، والمدرسة أو بيئة العمل، والأصدقاء، والمحيط الاجتماعي.

يهدف الدعم الاجتماعي بشكل عام إلى تعزيز شبكة الدعم الاجتماعي حول مريض السلياك من خلال تحسين تواصل الأسرة، ورفع الوعي الاجتماعي والغذائي، وبناء بيئة داعمة تسهم في الالتزام بالحمية، وتقليل الضغط النفسي، وللدعم الاجتماعي أهداف تفصيلية، هي: تمكين الأسرة من تقديم الدعم العاطفي المتوازن للمريض، ورفع الوعي لدى المحيط الاجتماعي، من أصدقاء ومدرسة وعمل، وتقليل الشعور بالوحدة والوصمة لدى المريض، وتحسين الالتزام بالحمية من خلال توفير بيئة غذائية آمنة، وبناء مهارات تواصل فعال بين المريض ومن حوله.

ويصبح الدعم الاجتماعي في مرض السلياك عاملاً وقائياً مهماً يساعد المريض على الالتزام بالحمية الخالية من الجلوتين، وتقليل القلق والاكتئاب، وتحسين جودة الحياة، والتكيف مع التحديات الاجتماعية والغذائية اليومية.


الدعم الاجتماعي لمريض السلياك ليس مجرد «تفهّم»، بل هو عملية متعددة الأبعاد، تشمل العاطفة، والمساعدة العملية، والمعلومات الموثوقة، والتقدير البنّاء، والمساندة المجتمعية، ويمثل دعامة علاجية تُوازي أهمية الالتزام بالحمية نفسها.

ومن أنواع الدعم الاجتماعي لمرضى السلياك الدعم العاطفي، ويُقصد به توفير التعاطف، والاستماع، والتقبل، والطمأنة، وتشير الأبحاث إلى أن الدعم العاطفي يقلل مستويات الضيق النفسي، ويحسن الالتزام الغذائي بشكل ملحوظ. ويهدف الدعم العاطفي إلى تقليل الشعور بالذنب والقلق لدى المريض، وبناء علاقة آمنة، حيث إن زيادة الإفصاح لدى المريض تقلل التوتر، ويكون الدعم العاطفي بأن تُظهر الأسرة تفهماً لمعاناة المريض عندما يشعر بالإحباط من الحمية، وتشجعه عند ارتكاب خطأ غذائي بدل اللوم، وتشاركه مشاعره حول القلق من التلوث الغذائي أو الأكل خارج المنزل، وتدرب الأسرة هنا على الاستماع المتعاطف، ويتم تعليمهم عبارات دعم إيجابية، مثل نحن معك، ويتم تعليمهم أهمية تخصيص وقت أسبوعي لحوار المريض مع أسرته.

في حين يقدم الدعم العملي مساعدة ملموسة تساعد المريض في حياته اليومية، ويرتبط هذا النوع من الدعم بتحسين الالتزام الصارم بالحمية، وتقليل التعرض العرضي للجلوتين، ويهدف إلى خلق بيئة غذائية يومية آمنة ومنظمة، مما يخفف الأخطاء الغذائية ويزيد الالتزام ويحسن الصحة، ويكون ذلك بتنظيم المطبخ وتخصيص أدوات منفصلة، وإعداد قوائم طعام آمنة، وتوزيع الأدوار داخل الأسرة، مثل تحديد من يشتري المنتجات، ومن يقرأ الملصقات، ومن يجهز الطعام، وبناء خطة للطوارئ الغذائية، تهدف إلى تقليل القلق عند السفر أو المناسبات، مثل وضع حقيبة صغيرة تحتوي على وجبات خالية من الجلوتين، وسناك مناسب، وبطاقة تعريف بالسلياك، وقائمة مطاعم آمنة في المدن المختلفة، وبروتوكول واضح عند التعرض غير المقصود للجلوتين.

أما الدعم المعلوماتي فيتضمن تقديم المعرفة، والإرشاد، والوعي الصحي، حيث وجد أن الدعم المعلوماتي يحمي من القلق المرتبط بالطعام، ويعزز القدرة على اتخاذ قرارات غذائية سليمة، ويهدف إلى تحسين فهم المريض والأسرة والمحيط طبيعة السلياك، وذلك لخفض اللوم والخوف، فزيادة الوعي تقلل الأخطاء الغذائية، وتمكن من إعطاء دعم مناسب. كما يهدف الدعم المعلوماتي إلى تمكين المريض ومن حوله من اتخاذ قرارات غذائية آمنة، ويحقق ذلك من خلال ورش قصيرة للأسرة حول ماذا تحتاج الحمية مدى الحياة، ومخاطر التلوث، وكيفية قراءة الملصقات، ومعرفة المسموحات والممنوعات في الحمية. كذلك يتضمن الدعم المعلوماتي تدريب المدرسة أو العمل على التعامل الصحيح مع حساسية الجلوتين، وتوفير مصادر موثوقة من مقاطع فيديو تعليمية، وكتيبات مختصرة، وتطبيقات مسح المنتجات الغذائية. أيضاً من الدعم المعلوماتي تزويد المريض بمعلومات عن المطاعم التي توفر خيارات آمنة، وإعلامه بطرق اكتشاف التلوث الغذائي، وتزويده بدعم بحثي حول العلاقة بين السلياك والمزاج أو الصحة النفسية.

ويشمل الدعم المعلوماتي تدريب المريض على مهارات التواصل، لتمكينه من شرح احتياجاته بثقة دون خجل، والمتوقع منها زيادة المشاركة الاجتماعية، وانخفاض الخوف من المناسبات، وتكون بتدريب المريض على جمل قصيرة، مثل: لدي مرض السلياك، ولا يمكنني تناول أي طعام يحتوي على الجلوتين. كذلك تدريب المريض على طلب المعلومات بأدب من المطاعم، وبناء مهارات الرفض الآمن للطعام عند الشك.

والدعم الاجتماعي المجتمعي يشمل المؤسسات والمجموعات التي تقدّم بيئة داعمة للمريض، ووجد أنه كلما توافر الدعم المجتمعي قلت مستويات الوصمة، وزاد شعور المريض بالاندماج. ويهدف الدعم المجتمعي إلى تقليل العزلة الاجتماعية، وزيادة الشعور بالانتماء، ليتحول المرض من «تجربة فردية» إلى «خبرة مجتمعية داعمة»، ويحقق ذلك من خلال الانضمام لمجموعات دعم مرضى السلياك عبر التطبيقات، مثل واتس آب وإنستجرام وتويتر، وحضور فعاليات توعية وورش طبخ خالية من الجلوتين، وبناء شبكة أصدقاء آمنة يفهمون الحمية، وجمعيات تقيم لقاءات وورش عمل، ومطاعم توفر قوائم خالية من الجلوتين، ومدارس توفر وجبات آمنة لهم، وأطباء وأخصائيي تغذية مدربين على التعامل مع حساسية الجلوتين.

وتُظهر نتائج الدراسات أهمية الدعم المجتمعي لمريض السلياك، حيث حسّن الالتزام بالحمية، وقلّل أعراض القلق والاكتئاب، وساعد المرضى على التأقلم الاجتماعي في المطاعم والمناسبات، وحفّز تعزيز المرونة النفسية والتكيف، ورفع جودة الحياة.

ويوجد نوعان من الدعم، وهما التقييمي أو التقديري، الأول تقييم لوضع المريض، وتقييم يطول الدعم الاجتماعي. أما تقييم المريض فهو دعم يساعد المريض على تقييم وضعه، وفهم تقدمه أو سلوكه بشكل بنّاء. ووجد أن هذا النوع من الدعم يرتبط بارتفاع المرونة النفسية، وتحسين الصورة الذاتية المرتبطة بالمرض، ومن الأمثلة علية إخبار المريض بأنه يتقدم بشكل ممتاز في التزامه بالحمية، ومساعدته على رؤية التحسن الصحي (مثل توقف الانتفاخ أو رجوع مستوى الحديد)، ومناقشة الأخطاء الغذائية دون جلد الذات، وإعطاء تغذية راجعة موضوعية وصادقة. أما تقييم مدى تطور الدعم الاجتماعي فيكون بعدد المرات التي يتعرض فيها المريض للتلوث، ومستوى القلق المبلغ عنه، ومدى تعاون الأسرة، ودرجة مشاركة المريض في الأنشطة الاجتماعية.

إن النتائج المتوقعة في حال توافر الدعم الاجتماعي تظهر في زيادة الشعور بالأمان والدعم لدى المريض، وتحسين الالتزام بالحمية الغذائية، وانخفاض القلق والاكتئاب الناتج عن المرض، ومشاركة اجتماعية أكبر، والشعور بالثقة والقدرة على إدارة المرض الطويلة المدى.