ويجدر بالذكر أن أثر جماليات الطبيعة على الإنسان، يتمظهر في صفاء الذهن، وهدوء النفس، وراحة البال،بما تحقنه في وجدانه من جرعات تهدئة للمشاعر، تُخفف من توتره، وتزيح عنه الهموم والأحزان.
كما أن الطبيعة تُحفز الإبداع، وتُشعل الخيال، وتذكي إرهاف الحس، فيلاحظ أن كثيرًا من الشعراء، والأدباء، والفنانين، وجدوا في الطبيعة، مصدرًا لإلهاماتهم، وإبداعاتهم.
فالطبيعة ليست مجرد مكان من الجمادات الصماء، بل هي فضاء مفتوح، يغمر الإنسان بحالة من السكينة، والطمانينة. ولذلك حاول الإنسان أن يكون أكثر قربًا منها، ليسترجع حقيقة وجوده المتفاعل مع عناصرها، وهادا، وصحارى، وجبالا، وانهارا، وغابات، لنجده، متغنيًا وجدانيًا، بسحر أمكنتها، وقديمًا قال الشاعر:
تلك الطبيعة قف بنا ياساري
حتى أريك بديع صنع الباري
الأرض حولك والسماء اهتزتا
لروائع الآيات والآثار..
وهكذا تمنح الطبيعة الإنسان، بوهج جمالياتها، فرصة التواصل مع الذات، بالتفاعل مع ذلك الوهج.. ومن ثم فالابتعاد عن الضوضاء، وصخب الحياة اليومية، يمنح الإنسان فرصة للتأمل، والتواصل مع نفسه، ويفجر عنده حس الإبداع المتوهج، في تفاعله مع المكان، وعناصر جمالياته الطبيعية، حتى نجد أن راعي الغنم، وهو يرعى أغنامه في الفلاة، يأخذه وهج الحس المرهف والارتياح الوجداني، فيصدح بالغناء على نايه بأعلى صوته، تعبيرًا عن سعادة معنوية، وحس مرهف، يفتقر لها في أجواء صخب العصرنة، بجوانبها السلبية.
ولا ريب أن تلك الإرهاصات تنعكس ايجابيًا، وبالارتياح على من يمشي في ربوع الطبيعة، حيث يتجسد الاقتراب من الطبيعة بالخروج إلى الأماكن المفتوحة، وقضِاء وقت في ربوعها، غابات، أو جبال، أو شواطئ، بشعور حالم من الارتياح والسكينة.