منذ انطلاقتها الأولى قبل نحو عقد، لم تكن مبادرة «KSA10» مجرد فعالية توعوية أو حدث اجتماعي، بل حالة وعي وطني بدعم القيادة ومشاركة أفرد المجتمع، تنظر إلى صحة الإنسان بوصفها أولوية لا يمكن تأجيلها. فكرة بسيطة في شكلها، لكنها عميقة في أثرها: أن الوقاية ليست مسؤولية المؤسسات وحدها، بل ثقافة مجتمع كامل يختار أن يحمي نفسه قبل أن يعالجها. وقد اكتسبت هذه المبادرة قوة أكبر بدعم ورعاية الأميرة ريما بنت بندر آل سعود، التي آمنت بأن الاستثمار في الإنسان يبدأ من تمكينه صحيًا وتعزيز وعيه.

ولأن الوعي لا يكتمل دون حقائق، فإن الأرقام الحديثة تجعل رسالة KSA10 أكثر وضوحًا. في عام 2022، سجل في المملكة ما يقارب 28.113 حالة سرطان جديدة، وفق تقرير حديث للسجل الوطني للسرطان. وتظهر البيانات أن سرطان الثدي لا يزال الأكثر انتشارًا بين النساء في المملكة، بينما يحتل سرطان القولون والمستقيم المرتبة الثانية بين جميع السرطانات الأكثر تشخيصًا في المجتمع بشكل عام. أما لدى الأطفال، فيبرز سرطان الدم (اللوكيميا) بوصفه الأكثر شيوعًا، وشكل وحده نحو 4.6 % من الحالات الجديدة في عام 2022، هذه الأرقام ليست مجرد مؤشرات صحية، بل رسائل تذكرنا بأن الكشف المبكر قد يكون الفارق بين علاج مبكر وفرصة ضائعة.

هنا تتجلى قيمة مبادرة KSA10 فهي لا تأتي بفعاليات رمزية، بل بتجربة تعيد صياغة العلاقة بين الفرد وصحته. استطاعت المبادرة في إحدى نسخها السابقة أن تجمع آلاف المشاركات لتشكيل أكبر شريط توعوي بلون الخزامى، غير أن الشريط كان فقط بداية الحكاية. ما أثبتته المبادرة هو أن الفحص المبكر ليس حدثا طبيا، بل قرار شخصي، وأن الوقاية ليست محاضرة إنما نمط حياة يمكن أن يتشاركه الجميع.


ما يميز KSA10 اليوم هو أنها لا تكتفي بالتوعية النظرية، بل تسعى إلى أن يشعر كل فرد بأنه مسؤول عن صحته. صحيح أن KSA10 تشجع على الفحوصات الدورية لكن الأهم أنها تربطها بالسلوك اليومي ونمط الحياة كالنشاط البدني، التغذية الصحية، الالتزام بالفحوصات، وتبنيها وتشجيع الآخرين عليها. كما أن دعم المنظومة الصحية والجهات المختلفة لهذه المبادرة يمثل نموذجا للتكامل بين الرؤية الوطنية والوعي المجتمعي، حيث يلتقي القطاع الصحي، والقطاع التعليمي، والإعلام، والأفراد لصنع ثقافة صحية أكثر نضجًا.

رعاية الأميرة ريما ومشاركة القطاعات الصحية لهذه المبادرة تعكس قناعة بأن صحة الإنسان ليست مشروعا حكوميا فحسب، بل مسؤولية اجتماعية تشاركية، تتطلب قيادة واعية تحفز أفراد المجتمع على أن يكونوا جزءا من الحل لا مجرد متلقين للخدمة. حين يجد المواطن نفسه مدعوا من شخصية قيادية بارزة لإجراء فحص بسيط، فإن القيمة تتجاوز التوجيه: إنها رسالة ثقة، ودعوة لامتلاك الحق في الوقاية، لا انتظار العلاج.

في النهاية، نستطيع اختصار جوهر KSA10 في فكرة واحدة: أن صحة الإنسان لا تحمى بالقوانين وحدها، بل بالوعي الذي يصنعه المجتمع لنفسه. كل فحص يجريه شخص اليوم قد ينقذ حياته غدا، وكل كلمة توعية قد تمنح أسرة فرصة لتجنب صدمة لم تكن تتوقعها. وهكذا، تصبح KSA10 أكثر من مجرد مبادرة فهي حالة وطنية تؤكد أن الإنسان هو الاستثمار الأثمن، وأن الوقاية أسلوب حياة يليق بوطن يؤمن بقيمة أفراده.