حافظ العم علي أبو الشعوف، الذي يبلغ من العمر 100 عام، على مهنته كمزارع للدخن والذرة بمحافظة الدرب شمال منطقة جازان، مواصلا استدامة إنتاجه الزراعي طوال مواسم الزراعة منذ أن كان صغيرًا، وشابًا وحتى تقدّم به العمر. وفي أغلب أيام العام يعتمد على مياه الآبار في السقاية والري، مؤكدًا أنه لا يعرف غير مهنة الزراعة، ولا يجد نفسه إلا مزارعًا، ولن يتركها رغم أنه الوحيد الذي ظل متمسكًا بها في وقت هجرها الكثير من أهالي الدرب القديم.

نجاح إنتاجه الزراعي

«الوطن» في جولة ميدانية زارت المزارع علي أبو الشعوف في مزرعته، حيث استعرض أبرز خبراته الزراعية التي كانت سر نجاح إنتاجه، وحافظت على إرثٍ ورثه عن أجداده، خصوصًا في زراعة الدخن والذرة البيضاء والحمراء. ويقول إن الزراعة مهنته التي لم يعرف غيرها منذ صغره، مضيفًا: «اليوم، وحسب الأوراق التي لديّ، يثبت أن عمري 100 عام». وأشار إلى أن الناس تختلف في مهنها، فلكلٍ طريقه، أما هو فقد نشأ في الدرب القديم حيث كانت الزراعة أساس الحياة ومصدر العيش.


الدخن والذرة

يؤكد أبو الشعوف أن زراعة الدخن والذرة قديمة في جازان ومحافظة الدرب، وأن الأهالي كانوا يتعهدون المحصول منذ ظهور النبتة وحتى الحصاد، في مدة قد تمتد لأكثر من ثلاثة أشهر، يبذل خلالها المزارع جهده لضمان وفرة وجودة الإنتاج، في تنافس شريف وتفاخر بين المزارعين بما يحققونه من محاصيل. وأوضح أن طريقة زراعة الدخن تختلف عن الذرة؛ إذ تُزرع الدخن بعملية تُسمى «النديل» عبر عمل حفرة في الأرض باستخدام عصا ثم توضع البذور، بينما تُزرع الذرة بطريقة «التليم» بواسطة المحراث بشكل مستقيم، ثم تُغرس البذور. وبيّن أنه في الماضي كان العمل الزراعي جماعيًا، يشارك فيه الرجال والنساء والأطفال في الحقول والمزارع التي يمتد بعضها لمساحات شاسعة، فيما تُعرف المساعدة المتبادلة بينهم بـ«المعونة»، وتستمر منذ بداية الزراعة وحتى الحصاد، إلا أن هذه الممارسات اندثرت في الوقت الحاضر، مع تراجع كثير من الأراضي الزراعية.

مهنة الـ100 عام

أكد أبو الشعوف أهمية الزراعة منذ قديم الزمان وحتى اليوم، كونها من أبرز المهن التي اعتمد عليها الناس في توفير غذائهم لمئات السنين. ورغم كبر سنه، لا يزال محافظًا على مهنته، رافضًا الجلوس في المنزل بلا عمل، بل يستمتع بتهيئة الأرض والزراعة والتنقل بين مزارعه، التي خصص بعضها لزراعة الورقيات، وأخرى للدخن والذرة، وجميعها تعتمد على بئرين يمدانها بالمياه على مدار العام. ويشير إلى أن من حوله يطلبون منه التوقف والراحة نظرًا لكبر سنه، لكنه يردد بثبات: «هنا راحتي في زراعتي».