عزة السبيعي

في قضايا الكفاءة بالنسب، وعضل البنات، ومنعهن من الزواج لأسباب تتعلق بتاريخ ودماء العائلة، كثيرا ما يبرر الرجال فيها للبنات ذلك بالخوف عليهن من رجل لا يقدرها ولا يخشى عليها.

لدى هؤلاء غالبا شعور أن المرأة لا يمكن أن تحصل على احترام من أحد، ما لم يعرف من هو والدها، وما تاريخ عائلتها. لذا، يرفضون أن تتزوج بغير القريب بالنسب.

لا شك أنهم هم أنفسهم غير قادرين على تصور أن المرأة كائن منفصل عن والدها، ويملك القدرة على الاتصاف بما يؤهله ليكون مستحقا للحب والاحترام، بعيدا عن حدود العشيرة. كما أنهم يتخيلون أن هذه القرابة ستجعل الرجل يصونها ويحفظها، وهذا أيضا غير حقيقي، فكم شاهدنا ابن عم يهين ابنة عمه ويضربها ويطردها من بيتها.

الحاجات التي يظن هؤلاء أنها تتحصل عليها المرأة بما يعتقدونه، هي مجرد خيالات لا تستند إلى منطق، ويكذّبها الواقع، كما لم يجعل الشرع لمثل هذه الأفكار مستندا، ولا جعل لهم سلطة المنع مما أحله الله لمجرد التوقع والشك.

إننا -ولا شك- لا نستطيع تغيير هذه العقول بين يوم وليلة، لكن نستطيع أن نجعل مؤسسات الدولة قادرة على حماية هؤلاء النساء، والسعي بقوة إلى مساندتهن حين يطلبن المساندة، ومن العجيب ألا ترتبط هذه المؤسسات بوزارة الداخلية، في حال وقعت قضية كقضية عروستي الكويت، بحيث يصل إلى المؤسسات خبر، ثم تقوم بواجب الدولة وتزور هاتين الفتاتين، وتتأكد من سلامتهما، وتسعى إلى تحقيق مطالبهما.

هذه المؤسسات يجب ألا تنتظر بلاغا من أحد، بل يجب أن تكون هي المبادر، وأن تملك سلطة طرق الأبواب المغلقة حتى الوصول إلى الفتاة الضحية، بل ترتب -كما يحدث في الغرب- جدول زيارات للتأكد من وضع الفتاة.

كما أن وجود لجنة مصالحة داخل المؤسسة الاجتماعية ضروري، لأن كثيرا من قضايانا تحل بالجاهات وغيرها، فكيف عندما تكون جاهات رسمية تتضمن شخصيات اعتبارية، تستطيع أن تضيّق الخلاف ولا توسعه، ففي النهاية هو أباها، وهو جزء من سعادتها، ويجب أن يدرك ذلك تماما. لذا، يحتاج لأطراف أخرى كما تحتاج هي أيضا.