الجوف : منى العبدلي

بمبادرة من مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات بفيينا انطلقت فعاليات المنتدى الأوروبي الأول للحوار بشأن السياسات المتعلقة باللاجئين والمهاجرين، في أثينا بمشاركة 44 مؤسسة من 18 دولة في أوروبا لمناقشة التوجهات الحالية للسياسات المتعلّقة باللاجئين والهجرة في أوروبا والتحديات التي يواجهها صانعو السياسات في أوروبا عموماً وفي الاتحاد الأوروبي خصوصاً والمؤسسات الشعبية الفاعلة ومعالجة تلك التحديات وتوسيع المشاركة بينهم بحيث يتم تبادل وجهات النظر المختلفة حول أفضل السبل للتعاون على نحو أكثر فاعلية وتسخير الأدوات والأساليب المناسبة ، وقد شارك في فعاليات هذا المنتدى عدد من ممثلي المؤسسات الشعبية وصناع السياسات والباحثين والقيادات والمؤسسات الدينية ، والذين يساهمون مساهمة فعالة في تطوير مشاريع الإدماج الاجتماعي للاجئين والمهاجرين في أنحاء أوروبا ، ويعتبر هذا الحوار الأول من نوعه بين مؤسسات القيم الدينية والإنسانية وصانعي السياسات في موضوع اللاجئين والمهاجرين .

وقال افتتح اللقاء الأمين العام للمركز فيصل بن معمر، بكلمة حول : (فهم التحديات الحالية التي تواجه اللاجئين والمهاجرين في أوروبا)، مشيدًا بخطط اليونان الإنسانية التي استوعبت زيادة بنسبة 200% في أعداد اللاجئين الوافدين إليها في الأشهر الأخيرة، مؤكدًا أنه بعد مرور أربع سنوات فقط على ما يُعد أكبرَ أزمةِ هجرةٍ في العصر الحديث، وصل قرابة 60% من اللاجئينَ العابرينَ للبحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا هذا العام عن طريق اليونان في ظل ارتفاع أعداد الذين يبحثون عن مأوى في المخيمات اليونانية، التي بلغت رقْمًا قياسيًّا: 31.000 لاجئ؛ مشدداً على أهمية النظر بعناية وحرص ورحمة لجميع من يحتاجون العون من المهاجرين واللاجئين الذين وصلوا إلى شواطئ أوروبا ولا يحملون معهم سوى الأحلام والأماني والمشقة التي لا يمكن تصورها، فالغالبية منهم قد تعرَّضوا إلى مصاعب طويلة وخطيرة ويأس من وجود أماكن آمنه في أوطانهم؛ ما دفعهم لخوض غمار المغامرة بحياتهم وأطفالهم، حيث المخاطر التي لا يمكن وصفها في سبيل الوصول الى الملاذ الآمن، وعند وصولهم إلى محطتهم الأخيرة في الغالب يتعرضون إلى شكوك وعراقيل وعزلة من جانب المجتمعات التي لجئوا إليها؛ لذلك فإن مهمتنا الإنسانية هو أن نجري حوارات مع جميع من لهم علاقة بالتعامل معهم بحيث يتم استنفار جهود المؤسسات الشعبية وصناع السياسات ومجمعاتهم المحلية عبر حوارات عميقة تساعدهم على الاندماج والتعايش والتأقلم مع مجتمعاتهم الجديدة.

وأكد بن معمر على قناعة مركز الحوار العالمي بأهمية التعاون بين المؤسسات الدينية ومؤسسات المجتمع المدني وصانعي السياسات لمواجهة جميع أشكال التحيز والعنصرية وبناء التماسك الاجتماعي والعيش المشترك كونه منهجية يمكن استخدامها في أي مكان وبكُلفة منخفضة نسبيًّا، كمطلب أساسي للمجتمعات المحلية نفسِها، والذي يعزز ثراء القيمَ المشتركة التي تشارك فيها هذه المجتمعات، مشيرًا إلى مبادرة مركز الحوار العالمي، العام الماضي ولأول مرة تم جمع، عشراتِ المنظمات الدينية والمدنية العاملة في مجال إدماج اللاجئين والمهاجرين في أوروبا، جنبًا إلى جنب مع المؤسسات الشعبية لمناقشة الآليات والأدوات المناسبة لترسيخ الاندماج الاجتماعي عن طريق الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، حيث تم إطلاق منصة أوروبية فريدة من نوعها (شبكة الحوار) بين المؤسسات الدينية وصانعي السياسات لتقديم مشاريعها الملهِمة، التي جُمعت في كتيب بعنوان : (الممارسات الواعدة لإدماج اللاجئين والمهاجرين في أوروبا)، وتُعدُّ مَورِدًا قيِّمًا لصانعي السياسات والمنظمات العاملة في مجال التكامل والتنسيق في جميع أنحاء العالم، لافتًا أن الكتيب يقدم أمثلة شعبية توضح كيف يمكن استخدام مهارات الحوار بين أتباع الأديان والثقافات في عمليات الإدماج الاجتماعي للمهاجرين واللاجئين للربط بين الجهات الفاعلة المحلية في المنظمات الدينية والمدنية والباحثين والممارسين من أجل إحداث تغييرًا جذريًا في الطريقة التي يُنظر بها إلى المهاجرين واللاجئين عمومًا، مؤكدًا على ضرورة العمل على مستوى القاعدة الشعبية أكثر من أي وقت مضى، وإحداث تغييرات هيكلية لا يمكن تطبيقها إلا بالتعاون بين المنظمات الشعبية وصناع السياسات، وهذا هو الهدف من هذه اللقاءات المهمة.

وأعرب ابن معمر عن ثقته في جهود المشاركين هذا المنتدى لتعزيز التعاون فيما بين الجميع، آملاً أيضًا أن يؤدي ذلك إلى اتخاذ إجراءات مشترَكة من خلال البرامج والمبادرات وتقريب وجهات النظر بين الجهات المعنيَّة بقضايا اللاجئين خصوصاً المنظمات الشعبية والدينية وصانعوا السياسات.