سعود سيف الجعيد

نحب الصراحة ونتحدث بها ونبحث عنها، ولكن للأسف قليل هم الذين يتعاملون بها في حياتهم مع الناس.

نكره الظلم، نرفض أن نراه بيننا، ولكن بعضنا لا يشعر بأنه ظالم لأنه يرى أنه هو العدل.

نتحدث عن الحب وصدق التعامل، فنجد أن أفعالنا لا تشير إلى هذا الحب، ولا إلى حسن الخلق، بل نجد أفعالنا تتمثل في الكراهية، في حب الذات.

نحث أبناءنا على مساعدة الآخرين، وعلى التحلي بالأخلاق الفاضلة، ونرفض أن نتقيد بذلك، مع أننا نعلم أننا نمثل القدوة لهؤلا الأبناء، فكيف نريد تعليمهم مكارم الأخلاق ونحن بعيدون عنها، وعن التقيد بها؟!.

كثيرا ما نتحدث عن الموت، عن يوم الحساب، وأهوال يوم القيامة، ويغشانا الخوف والرعب عند تذكر ذلك الموقف العظيم، ولكن لنسأل أنفسنا، ماذا فعلنا لكي نستعد لذلك اليوم؟، أعتقد أنه لا شيء سوى التذكر والتخيل.

نتكلم دائماً عن الأخوة، عن التلاحم والتقارب وصلة الرحم، وننتقد الآخرين، وذلك طيب والآخر سيئ الخلق، ونحن نمثل الصورة السيئة من خلال التنافر والتباعد وقطع حبال الوصل مع أقاربنا وأصدقائنا ونجهل ذلك، ونعود ونبرر ذلك بأن مشاغل الحياة وهمومها هي السبب.

نشتاق إلى الماضي، إلى السعادة، إلى التكاتف، إلى ذلك المجتمع الأصيل الذي فقدناه في الماضي، حيث كانت العادات الطيبة والأخلاق الحميدة، والمحبة التي عمرت بها القلوب التي لا تعرف الكراهية ولا الخداع، وفي الوقت نفسه نرفض أن نحاول مجدداً أن نعود إلى ذلك الماضي، وإلى تذكر ما هو جميل، فالابن يقلد أباه فيما يفعل، وهكذا نجد أننا نشكل أفرداً ينقصهم الحب والوفاء، فالكل ابتلاه الله - في نظري - بعقدة اسمها النقد والكلام فقط، فنحن فعلا نلمس ونشاهد كل هذه الصور غير المُرْضِيَة، تحدث أمامنا في كل لحظة، ولكن ما الذي فعلناه لكي نلغيها من حياتنا، وما الذي فعلناه لكي نبني مجتمعا يقوم على الحب وعلى الصدق؟، لاشىء، اكتفينا فقط بالنقد الجارح.

تصيبك الدهشة، ويعلو وجهك الاستغراب، عندم تجد شخصا ينتقد شخصا آخر ويرفض تصرفاته، ويوجه إليه العديد من النصائح، مع أنه في الوقت نفسه يرتكب هذه التصرفات، والغريب أيضا أن الشخص الذي أمامه يستمع إليه، وينصت في انتباه تام، مع أنه يعلم أن هذا الشخص الذي يخاطبه كان من الأجدر به أن ينصح نفسه أولاً وقبل كل شىء، ولكن يستمر النقد من شخص لآخر، ومن وقت لآخر، في وقت نجد أن ما يحدث يؤكد لنا بوضوح، أننا أصبحنا نكذب حتى على أنفسنا أحيانا.