فيصل المسعري

في البداية أستطيع أن أجزم بأنه لا يختلف شخصان في هذا العالم الواسع على أن المملكة بنت وبحرفية عالية وبسخاء منقطع النظير؛،طرقاً واسعة الانتشار بين مدنها ومحافظاتها.

وكذلك لا يختلف اثنان في هذا العالم الواسع على أن بناء الطرق وصيانتها وتطويرها أمر ضخم ومكلف ومتعب.

قبل فترة يسر الله لي العمرة، وذهبت إلى مكة عن طريق البر.

كانت الرحلة ممتعة وجميلة، حتى وصلت إلى الكوبري الذي يفرق من طريق الرياض والطائف إلى السيل الكبير. وللأمانة من أول ما دخلت إلى ذلك الطريق، عادت لي التساؤلات القديمة التي كنت أتساءل بها، لماذا إلى الآن لم يتم تطوير هذا الشريان المهم، لماذا لم يتم حتى اليوم إعادة النظر في هذه الوصلة التي تبدأ من هذا الكوبري وحتى كوبري الميقات، لماذا تصبح القيادة فيه أمرا مزعجا للغاية؟

طريق ضيق، وملتو، وغير منار، وممتلئ بالشاحنات. وفيه إشارات وجودها غير منطقي، والانسيابية فيه غير ممكنة، وأنت تسير فيه يصيبك نوع من التضايق والقلق وتوتر الأعصاب.

هذه الوصلة جزء من رحلة الحجاج والمعتمرين إلى الحرم، والوصول إلى الحرم من مناطق نجد ودول الخليج لا بد وأن يتم من هذا المكان. وكما يعلم الجميع أن الحج والعمرة رحلة متكاملة، تبدأ من انطلاق الزائر من بلده وحتى عودته إليه سالما وغانما.

وأغلبنا يعلم أنه مما لا شك فيه؛ أن تحسين تجربة الحاج والمعتمر في ضواحي الحرم لا تقل أهمية عن تحسين تجربته في طريقه إليها.

يحفظ التاريخ لزبيدة تمهيدها الطرق المؤدية إلى مكة، وما زالت الشواهد على ذلك الطريق قائمة إلى اليوم، وكلما جاء ذكرها على لسان، ترحم عليها وذكرها بخير ما يُذكر به مؤمن.

وسيذكر التاريخ العهود السعودية بقيادة ملوكها الكرام أنهم اهتموا بمكة اهتماماً منقطع النظير، إلى درجة أنهم وضعوا له الميزانيات الهائلة في السابق، واليوم وضعوا له برنامجاً خاصاً من ضمن برامج الخطة الضخمة التي تعيشها اليوم المملكة 2030.

ولذا أعتقد أنه يمكن القول، إن على هيئة تطوير مكة المكرمة أن تلتفت إلى هذا الطريق وإلى الطرق الأخرى المؤدية إليها من المواقيت المتعددة.

وأظن أن في وزارة النقل خبرات ضخمة وبرامج مميزة مثل برنامج النقاط السوداء على سبيل المثال يمكن الاستفادة منها.

ولذا كلي أمل أن نجد من ضمن أعمال هذا العام برنامجاً تطويرياً لهذا الطريق ولغيره من الطرق الأخرى.