أستاذ دكتور خليفة بن عبدالرحمن المسعود

إن مما يسعد به أبناء هذا الوطن ذلك الحرص الكبير على تدقيق ومراجعة تاريخ بلادهم، والرد على المغالطات التي كتبت خطأً أو عمدًا فأحدثت تغييرًا وتشويهًا، فمن يحاول الانتقاص من إمارة الدرعية وقوتها خلال عشرين سنة من حكم المؤسس الإمام محمد بن سعود إنما يتجاهل حقائق تاريخية تمثلت بجهود ذلك الرجل لوضع أسس الدولة منذ توليه الإمارة، والمصادر الموثوقة تؤكد كم عمل -رحمه الله- على تأسيس مؤسسات الدولة عسكريًا واقتصاديًا لتصبح تلك الإمارة الصغيرة دولة مرهوبة الجانب يقصدها الضعيف والمظلوم لطلب الحماية والنصرة، وتخشاها القوى الظالمة التي طالما تحكمت بميزان القوة النجدية من قبل، كما أن جيرانها باتوا يطلبون ودها منذ نجاحها بتحقيق الأمن في نجد وإقامة علاقات خارجية ناجحة وانفتاحها السياسي والثقافي والعلمي مع جيرانها.

إن من نعم الله على هذا الوطن أن قيض له حكامًا يدركون أهمية التاريخ وتوثيقه في حياة الدول وسيرها، من هنا جاء الأمر الملكي الكريم بتحديد الثاني والعشرين من فبراير ليكون تاريخًا لتأسيس الوطن تحت قيادة آل سعود في حق تاريخي يزيد على ثلاثة قرون يؤكد عراقة حكم هذه الأسرة منذ أن انطلقت مسيرة حكمها المباركة في عام 1727م/1139هـ.

إن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- حين أصدر هذا الأمر قد وضع الأمور في نصابها، إدراكًا منه لأهمية الأمر على الصعيدين السياسي والتاريخي؛ خاصة مع ما تشهده المملكة من نهضة سياسية واقتصادية يقودها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله؛ حيث بات تاريخ الدول العريق وإرثها الثقافي العميق وسيلة لنجاحها الشامل.

ولا شك أن هذا الأمر الملكي سيكون له أكبر الأثر في تعزيز الانتماء الوطني، لتصبح ذكرى التأسيس يومًا مشهودًا لدى السعوديين إدراكًا منهم لأصالة تاريخ بلادهم وعمقها التاريخي، كما سيصبح هذا التاريخ مرتبطًا بالذاكرة، ومحفزًا على خدمة الوطن بكل السبل، وهذا القول يشهد له النجاح الباهر الذي تحقق بعد تفعيل اليوم الوطني وذكرى التوحيد بعد أن كنا نجهل أو نتجاهل تجارب الدول عبر التاريخ في التذكير بأيامنا المشهودة لتكون سبيلنا للنجاحات المنشودة.

* مستشار أمير منطقة القصيم

عضو هيئة التدريس في جامعة القصيم