فاطمة المزيني

خصصت منظمة الأمم المتحدة يوم 8 مارس من كل عام ليكون يوما دوليا للمرأة، ودأبت على تحديد موضوع معين في كل عام لطرحه والتعريف به وذلك من أجل خلق ثقافة عالمية واعية نحو حقوق المرأة.

ويأتي اليوم العالمي للمرأة هذا العام 2022 تحت موضوع (المساواة بين الجنسين اليوم من أجل غد مستدام).

وحتى نلقي بعض الضوء على أبعاد الموضوع فلا بد أن نذكر أن المنطلقات «الجندرية» كانت الأساس في كل أشكال التمييز ضد جنس النساء سواء كان هذا التمييز في شكل قوانين تقرها الحكومات أو في شكل تقاليد اجتماعية أو حتى في شكل أفكار إقصائية يتعامل من خلالها الأفراد.

وقد أدى هذا التمييز إلى كثير من التراجع في حضور المرأة مع تقييد دورها العلمي والسياسي والحضاري بشكل عام.

إن اتهام المرأة في فضيلتها هو تمييز ضد جنسها ترتب عليه ممارسات مثل الختان والتحرش وتزويج الصغيرات أو الوصاية على اختياراتها وأفكارها وحتى شكل ملابسها.

كما أن التمييز ضد جنس المرأة أدى لعدم تساوي الفرص المتاحة لها سواء في نوع الدراسة أو مجال العمل أو الانخراط في الحياة السياسية أو الاجتماعية مما خلق هياكل مهنية ذكورية متراصة، وهو الأمر الذي جعل المرأة تجد نفسها مضطرة دائما إما لبذل جهد مضاعف أو تقديم تنازلات مضاعفة.

ومن جهة أخرى، فإن التمييز ضد المرأة أدى في كثير من الأحيان إلى إضعافها ماديا ومعنويا وفكريا فترسخت لديها القناعات السلبية تجاه نفسها، وأصبحت أقل ثقة في قدراتها وأقل حرصا على استقلالها وحريتها، وأقل احتراما لكيانها كإنسان مكتمل الإرادة. لقد أصبحت أقل شيء.. في كل شيء !

من هنا كان موضوع المساواة بين الجنسين مهما جدا، ويستحق أن يكون في صدارة المواضيع الحقوقية، وأن يكون حاضرا كذلك على طاولة صانع القرار سواء كان سياسيا أو قانونيا، فالمساواة تعني مجتمعا إنسانيا أكثر أمانا وأرقى قيما، والمساواة تعني مجتمعا وظيفيا يعتني بكفاءة الأداء ومؤشرات الإنتاج وليس بجنس الموظف.

ومن جانب آخر فإن المساواة تصنع فارقا حضاريا مستداما يمهد الطريق للأجيال القادمة التي ستعيش مع متطلبات فكرية ومادية تختلف تماما عما عرفناه نحن وآباؤنا، وسوف تكون بحاجة ماسة لتجاوز مأزق التمييز أيا كانت مسبباته.