إيمان محمد

لا شك أن الإعلام قوة ناعمة ومؤثرة وله أهمية كبرى في تكوين الوعي الجمعي والتأثير فيه، وهو أيضا القادر بمحتواه على المساهمة في بلورة الفكر وتثقيفه، هذه المهمة وإن كانت تبدو في عصر التقنية سهلة بعض الشيء، إلا أنها في أشد الحاجة لجنود أكفاء برتب متعددة. لست مع فكرة سيطرة الفئة الشبابية لتقديم البرامج بما أنهم الفئة الأكثر في التكوين السكاني، برأيي أننا نملك قامات إعلامية تعتبر مدارس متعددة وعلى قدر كبير من الوعي والثقافة، ولديهم شخصية قادرة على التأثير المهني بجيل الشباب، كما يعمل به في برنامج lary king أو 60 menit، خاصة وأن المجتمع اليوم بأشد الحاجة إلى الخطاب الإعلامي المتمكن والمنافس والذي يتناسب مع حجم المملكة ومكانتها العالمية، ويتناسب مع تعدد مناطقها وتنوع ثقافاتها، وبحاجة أيضا إلى خضرمة البرامج وزيادة إنتاجها ورفع جودة محتواها، وبأشد الحاجة إلى ملء المكتبة الإعلامية ببرامج تعتبر حصيلة رصيدها الفكري والثقافي الذي يعبر عن جوهر الوطن الحقيقي.

هل يوجد برنامج واحد ينبش ويناقش في الموسيقى السعودية مثل برنامج وتر وسمر، بإعداد وتقديم يعادل كفاءة الفنان القدير (جميل محمود) أمد الله في عمره!

هل يوجد برنامج يخاطب المرأة أو الطفل بحجم برنامج (ماما دنيا) الذي كانت تقدمه الإعلامية القديرة (دنيا بكر يونس)!

أو حتى برنامج يؤرخ لأنواع الشعر المختلفة في المملكة! أو برنامج يقدم الفلسفة ويبرز مدارسها،

أو برنامج يعزز اللغة العربية الفصحى كهوية ثقافية نابعة من أرض الجزيرة العربية، أو برنامج يسلط الضوء على الزراعة في المملكة، أو برنامج يهتم بالفنون والحرف اليدوية، أو برنامج يجامل اهتمام المواطن بالثقافات المناطقية المتنوعة.

أو برامج بمثابة ملتقيات ثقافية في النقد السينمائي والموسيقي والمسرحي، أو برامج تربوية تدعم مستجدات المناهج والتخصصات والمقررات التعليمية، أو برامج تهتم بالرياضة المجتمعية بعيدًا عن كرة القدم.

أو برامج تحصي (لغير المتابع) المبادرات الوطنية والأعمال التطوعية.!، أو برامج تستقطب شرائح متنوعة من المجتمع كالمسنين أو الأطفال أو أصحاب الهمم.!

للأسف لدينا فقر في تقديم وإنتاج البرامج المتمكنة، وفقر في صياغة أهداف إستراتيجية مؤثرة للبرامج، كمن لديه سلاح ويطلق رصاصه جزافًا، فلا هو الذي أصاب الهدف ولا هو الذي أراح الناس من أزيز الطلقات، وبالمقابل لدينا وفرة في القامات الإعلامية المهمشة، والتي يمكن الاستفادة منها كخبرات مهنية في صناعة الكفاءات الجديدة، والاستفادة منها أيضًا في تحقيق الأهداف بكل احتراف.

أخيرًا.. الإعلام كوسيلة تقدم مادة ثقافية، شأنها شأن «الكتاب المفيد» لا يهم فيه عمر المؤلف ولا عدد صفحاته، بقدر أهمية إثرائه لفكر المتلقي والمشاهد كمحتوى.