فاطمة آل تيسان

قرارات جريئة ومفاجأة للبعض اتخذتها وزارة التعليم على صعيد التعليم العام كان أكثرها بروزا إلغاء إدارات ومكاتب التعليم، والتي يتركز عملها على متابعة سير العمل في المدارس، وكذلك مستوى أداء الكوادر الإدارية والتعليمية فيها، وبحكم أنها جهة إشرافية فإن الجميع في المدرسة يهابها كثيرا ، بل بعض المدارس لا يظهر جهدها إلا عند زيارة المشرفة أو المشرف؛ حيث يستنفر الجميع بدءا من الحارس وانتهاء بالمديرة، وهذا الأمر شهدناه في السابق ونحن على مقاعد الدراسة، وكيف هي هيبة الفريق الإشرافي وهن يتنقلن بين الفصول ويتفحصن جداول الحضور ودفاتر التحضير، ويطرحن الأسئلة الفجائية على الطالبات وسط رهبة المعلمة أن تخفق الطالبات في الإجابات، ومن ثم يقع عليها اللوم في عدم قدرتها على شرح المادة بشكل جيد، وتقاعسها في مراجعة الدروس مع طالباتها، ناهيك عن حالة التوتر التي تمر بها مديرة المدرسة وهي تحاول جاهدة ضبط اليوم الدراسي لتنتهي الزيارة بسلام دون تدوين ملاحظات تتعلق بعدم قدرتها على الإدارة بطريقة فاعلة، قطعا الأنظمة اختلفت والطلاب والكوادر وحتى وسائل التدريس، ولكن تبقى القدرة والتميز والضمير الحي الذي يدفع الشخص للعطاء وأداء الأمانة بالشكل المطلوب دون أن يكون دافعه لذلك الخوف من الإدارة أو الجهة الإشرافية، قد تكون للوزارة وجهات نظر أو خطط بديلة تقوم بالدور نفسه لكن بطرق مختلفة، وسمعنا بالبعض منها كالمشرف أو المشرفة المقيمة في المدرسة، الفكرة جيدة، إن منح هذا المشرف صلاحيات المتابعة وملاحظة مواطن الخلل في الميدان مع اقتراح خطط المعالجة، وسيكون عمله أكثر أهمية من المشرف الزائر الذي قد لا يسعفه الوقت إلا للقيام بزيارة يتيمة في الفصل الدراسي، لكثرة نصابه من المدارس والمعلمين، وهذا الإجراء سيساعد في معرفة الأسباب الحقيقة وراء الكثير من المشاكل وخاصة الغياب الجماعي في بعض الفترات من العام، والأدوار التي قام بها منسوبو المدرسة لعلاج هذه المشكلة، وهل فعلا السبب يعود للطالب وأسرته؟ وخاصة الأمهات اللاتي نشطن في وسائل التواصل وهن يتوعدن بأن بناتهن وأبناءهن سيتغيبون عن المدارس لعدم قدرتهم على الذهاب للمدارس في شهر رمضان على سبيل المثال، وكأن في المسألة تحدٍ، وهذا يوضح حجم التباعد بين الأسرة والمدرسة، وضعف العلاقة ينعكس سلبا على مستوى الطالب ويفقده الرغبة في الدراسة، بل ويصبح مصدر انزعاج للأسرة التي ستعجز عن إيجاد حل، وكذلك المدرسة التي سيقع عليها جزء كبير من المسؤولية، والجانب الذي قد نلوم المؤسسات التعليمية عليه هو عدم التحرك لإيجاد حلول من شأنها إحالة البيئة التعليمة إلى بيئة جاذبة عوضا عن الطاردة، والأكثر إزعاجا أن الطلاب في جميع المراحل لديهم المشكلة نفسها، البعض يعزو ذلك إلى طول العام الدراسي وقلة الإجازات، وهنا نتساءل إذا كانت المدة تقريبا في أغلب دول العالم هي نفسها والجميع متقبل ومتكيف، إذاً ما المشكلة لدينا؟ وما الذي تفتقده مدارسنا لتجعل الطالب يشعر بالملل وعدم الرغبة في الدراسة؟ لا أعتقد أننا نجهل الإجابة ولكن لا زلنا ننتظر من يشمر عن ساعديه ويشحذ الهمم ليبحث عن حل جذري ومغاير لما هو عليه الوضع الآن، ونعود إلى نقطة البداية والسؤال الملح هل الميدان أصبح في حجم الثقة التي تجعله يقيم نفسه بنفسه ويكشف مواطن الخلل ومعالجتها دون أن تكون هناك جهة إشرافية تتابع عمله؟ وهل حس المسؤولية والأمانة في أداء العمل حاضر لدى منسوبيه؟ وهل هناك خطط مستقبلية للتطوير بما يجعل من المدرسة المكان الذي يذهب له الطالب والطالبة بحب وشغف؟ كل هذه التساؤلات وغيرها نرقب ونتأمل أن نرى الإجابة عنها قريبا داخل الميدان التعليمي.