مرفق صورة حديثة للكاتبة يرجى اعتمادها
القرآن الكريم ليس كتابًا يُتلى فحسب، بل نبضٌ إلهي حيّ، يتجدّد مع كل قراءة، ويخاطب كل قلب بحسب حاله، كأنه كُتب له وحده. هو رسالة لا تنضب، تهدي الحائر، وتطمئن الخائف، وتفتح نوافذ الفهم والعرفان لمن قرأه بقلبٍ لا بعينٍ فقط.
أن تمسك المصحف وتبدأ التلاوة، ليس غايةً في حد ذاتها، بل بدايةٌ لطريق أعمق؛ طريق التدبّر. فالتلاوة المتدبّرة ليست قراءة صامتة، بل يقظة داخلية تحوّل الحروف إلى حياة، والآيات إلى مصابيح تهدي في عتمة الروح، وتنير ظلمات النفس، وتربطك بحقائق الوجود الكبرى.
حين نقف عند كل آية، لا كما يقف المارّ العابر في طريقٍ مزدحم، بل كما يتأمل ناظرٌ لوحة خالدة، ندرك أن كل كلمة كُتبت لحكمة، وأن خلف الحروف معاني لا تُحصى، ورسائل تنتظر قارئًا صادقًا، يسمع بنداء الروح لا بضجيج العادة.
ومن بين آلاف الآيات، وكل الصور والمواقف والقصص، تبدأ الرحلة بكلمة واحدة، بأول صوتٍ يقرع السمع والروح معًا: «الحمد».
لماذا يبدأ القرآن بـ«الحمد لله رب العالمين»؟
ليس ذلك مصادفة، ولم يكن عبثًا أن يبدأ أعظم كتاب خُلق لهداية البشر بهذه العبارة الخفيفة لفظًا، العميقة أثرًا. بل هو تأسيس لمعنى لا يقوم إيمان ولا يُبنى فهم للحياة دونه: أن البداية الصحيحة لأي شيء، بل للحياة ذاتها، لا تكون إلا بالحمد.
في هذا البدء حكمة خفية، ومنهج إلهي يُراد لنا أن نتّبعه: أن نبدأ بالحمد، لا لأن كل شيء كامل بنظرنا، بل لأن الله، بربوبيّته الشاملة، هو الذي دبّر الأمر بعلمه، وكتب لكل عبدٍ ما فيه صلاح أمره، وإن جهل ذلك في حينه.
«الحمد لله رب العالمين» ليست مجرد كلمة شكر، بل إعلان وجودي، وركيزة معرفية، ومنهج يومي. فـ«الحمد» هنا لا يعني الشكر الظاهري فقط، بل الإقرار بجمال ما قدّره الله، وبكمال حكمته، وأن الخير فيما أراد لا فيما أردنا. هي إعلان إيمان ورضا وتسليم، واعتراف بأن الخير كله من الله، وأن الملك بيده والتدبير أمره.
وما أجمل أن يُتبَع بـ«رب العالمين»، كأنها تُعلّمنا أن نحمد لا لأن النعمة وافقت أمانينا، بل لأن ربّ كل شيء هو من دبّر الأمر، برحمةٍ وعلمٍ لا يُدركه عقل بشري.
هذه الآية ليست دعوة للتفاؤل فقط، بل دعوة إلى الثقة، والرضا، والتسليم العميق. أن تبدأ يومك بالحمد، أن تفتتح صلاتك بالحمد، أن تواجه ألمك بالحمد، هو نوع من القوة الخفية التي تنتشلك من الضياع إلى الثبات، ومن الضيق إلى الطمأنينة.
«الحمد لله» ليست مجرد عبارة تقال على اللسان، بل هي زاوية رؤية جديدة للعالم. هي شعور داخلي يُولّد السلام في الفؤاد قبل أن يُغيّر الواقع. هي منهج حياة. فمن يحمد الله، فقد أقرّ بعجزه عن إدراك تمام النعمة، وأيقن أن الله أعطى فوق ما يُحمد عليه.
ومن اللافت أن تكون أول كلمات أهل الجنة بعد نجاتهم من كل عناء هي: «وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» سورة الزمر: 75
فإذا كانت الجنة، موطن الكمال، تُفتتح بالحمد، فكيف لا يبدأ به قلب المؤمن في دنياه؟
قال رسول الله ﷺ: «عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير؛ إن أصابته سراء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرًا له» رواه مسلم.
وهذا الحديث يُلخّص فلسفة الحمد، لا كاستجابة ظرفية، بل كاختيار دائم للحياة بمنطق الرضا واليقين.
الحمد ليس سببًا للحصول على النعمة فحسب، بل هو سببٌ لاستمرارها، بل ولزيادتها، وبذرةٌ لنِعمٍ قادمة. من اعتاد الحمد، بدأ يرى الجمال في التفاصيل الصغيرة، والنور في الزوايا المعتمة، ورأى النعم فيما كان يراه نقمة. حين نعود إلى الفاتحة، نجد أنها لم تبدأ بأمر، ولا بحكم، بل بلفظة شُكر. كأن الله يُربينا ألا نرتبك أمام تعقيدات الحياة، بل نبدأها من النقطة الأوضح: الحمد لله رب العالمين. ليست هذه بداية عابرة، بل قاعدة روحية: أن كل ما يليها من هدى ورحمة وتشريع، إنما هو ثمرة لهذا الاعتراف العظيم بالحمد. وهكذا ينبغي لنا أن نعود إلى القرآن، لا كمقرئين، بل كمستمعين بقلوبنا، كأننا نسمعه لأول مرة، نقف عند كلماته لا لنتم عدد الصفحات، بل لنعيد تشكيل وعينا بها، وننقّي أرواحنا من ضجيج الحياة. فلنجعل من الحمد مدخلًا لكل شيء: في الرخاء والضيق، في الصباحات الثقيلة والليالي الخفيفة، في البدايات والنهايات، في الكلمات والصمت. فلعلنا إذ نحمد، نُهدى. ولعلنا إذ نُهدى، نصل. ولعل الوصول، في النهاية، يكون إلى السلام، الذي يبدأ بحمدٍ صادق.
أن تمسك المصحف وتبدأ التلاوة، ليس غايةً في حد ذاتها، بل بدايةٌ لطريق أعمق؛ طريق التدبّر. فالتلاوة المتدبّرة ليست قراءة صامتة، بل يقظة داخلية تحوّل الحروف إلى حياة، والآيات إلى مصابيح تهدي في عتمة الروح، وتنير ظلمات النفس، وتربطك بحقائق الوجود الكبرى.
حين نقف عند كل آية، لا كما يقف المارّ العابر في طريقٍ مزدحم، بل كما يتأمل ناظرٌ لوحة خالدة، ندرك أن كل كلمة كُتبت لحكمة، وأن خلف الحروف معاني لا تُحصى، ورسائل تنتظر قارئًا صادقًا، يسمع بنداء الروح لا بضجيج العادة.
ومن بين آلاف الآيات، وكل الصور والمواقف والقصص، تبدأ الرحلة بكلمة واحدة، بأول صوتٍ يقرع السمع والروح معًا: «الحمد».
لماذا يبدأ القرآن بـ«الحمد لله رب العالمين»؟
ليس ذلك مصادفة، ولم يكن عبثًا أن يبدأ أعظم كتاب خُلق لهداية البشر بهذه العبارة الخفيفة لفظًا، العميقة أثرًا. بل هو تأسيس لمعنى لا يقوم إيمان ولا يُبنى فهم للحياة دونه: أن البداية الصحيحة لأي شيء، بل للحياة ذاتها، لا تكون إلا بالحمد.
في هذا البدء حكمة خفية، ومنهج إلهي يُراد لنا أن نتّبعه: أن نبدأ بالحمد، لا لأن كل شيء كامل بنظرنا، بل لأن الله، بربوبيّته الشاملة، هو الذي دبّر الأمر بعلمه، وكتب لكل عبدٍ ما فيه صلاح أمره، وإن جهل ذلك في حينه.
«الحمد لله رب العالمين» ليست مجرد كلمة شكر، بل إعلان وجودي، وركيزة معرفية، ومنهج يومي. فـ«الحمد» هنا لا يعني الشكر الظاهري فقط، بل الإقرار بجمال ما قدّره الله، وبكمال حكمته، وأن الخير فيما أراد لا فيما أردنا. هي إعلان إيمان ورضا وتسليم، واعتراف بأن الخير كله من الله، وأن الملك بيده والتدبير أمره.
وما أجمل أن يُتبَع بـ«رب العالمين»، كأنها تُعلّمنا أن نحمد لا لأن النعمة وافقت أمانينا، بل لأن ربّ كل شيء هو من دبّر الأمر، برحمةٍ وعلمٍ لا يُدركه عقل بشري.
هذه الآية ليست دعوة للتفاؤل فقط، بل دعوة إلى الثقة، والرضا، والتسليم العميق. أن تبدأ يومك بالحمد، أن تفتتح صلاتك بالحمد، أن تواجه ألمك بالحمد، هو نوع من القوة الخفية التي تنتشلك من الضياع إلى الثبات، ومن الضيق إلى الطمأنينة.
«الحمد لله» ليست مجرد عبارة تقال على اللسان، بل هي زاوية رؤية جديدة للعالم. هي شعور داخلي يُولّد السلام في الفؤاد قبل أن يُغيّر الواقع. هي منهج حياة. فمن يحمد الله، فقد أقرّ بعجزه عن إدراك تمام النعمة، وأيقن أن الله أعطى فوق ما يُحمد عليه.
ومن اللافت أن تكون أول كلمات أهل الجنة بعد نجاتهم من كل عناء هي: «وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» سورة الزمر: 75
فإذا كانت الجنة، موطن الكمال، تُفتتح بالحمد، فكيف لا يبدأ به قلب المؤمن في دنياه؟
قال رسول الله ﷺ: «عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير؛ إن أصابته سراء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرًا له» رواه مسلم.
وهذا الحديث يُلخّص فلسفة الحمد، لا كاستجابة ظرفية، بل كاختيار دائم للحياة بمنطق الرضا واليقين.
الحمد ليس سببًا للحصول على النعمة فحسب، بل هو سببٌ لاستمرارها، بل ولزيادتها، وبذرةٌ لنِعمٍ قادمة. من اعتاد الحمد، بدأ يرى الجمال في التفاصيل الصغيرة، والنور في الزوايا المعتمة، ورأى النعم فيما كان يراه نقمة. حين نعود إلى الفاتحة، نجد أنها لم تبدأ بأمر، ولا بحكم، بل بلفظة شُكر. كأن الله يُربينا ألا نرتبك أمام تعقيدات الحياة، بل نبدأها من النقطة الأوضح: الحمد لله رب العالمين. ليست هذه بداية عابرة، بل قاعدة روحية: أن كل ما يليها من هدى ورحمة وتشريع، إنما هو ثمرة لهذا الاعتراف العظيم بالحمد. وهكذا ينبغي لنا أن نعود إلى القرآن، لا كمقرئين، بل كمستمعين بقلوبنا، كأننا نسمعه لأول مرة، نقف عند كلماته لا لنتم عدد الصفحات، بل لنعيد تشكيل وعينا بها، وننقّي أرواحنا من ضجيج الحياة. فلنجعل من الحمد مدخلًا لكل شيء: في الرخاء والضيق، في الصباحات الثقيلة والليالي الخفيفة، في البدايات والنهايات، في الكلمات والصمت. فلعلنا إذ نحمد، نُهدى. ولعلنا إذ نُهدى، نصل. ولعل الوصول، في النهاية، يكون إلى السلام، الذي يبدأ بحمدٍ صادق.