عبدالحميد اليحيى

تاجر حشيش والناس تمتدحه، وتدعو له بالأجر والثواب على أعماله المزعومة! إنه نوح زعيتر، تاجر الحشيش اللبناني، الذي ارتبط اسمه بحزب الله، والذي شارك في قتل السوريين خلال الثورة السورية تحت غطاء الحزب، ولم تمنعه الدماء من التمادي فيها، ومن الإفساد في الأرض. أيضًا، فنان عربي من شمال إفريقيا يُتهم في أكثر من دولة بتهم اغتصاب تنهي مستقبل أي سياسي أو رياضي أو فنان لدى الأمم المتحضرة، بينما لا تزال شعبيته جارفة، ولا تزال الجماهير تتسابق على شراء تذاكر حفلاته، وحتى اللحظة أغانيه تتصدر التريند في العالم العربي. فنان وممثل سوري اشتهر في بعض مسلسلاته بمحاربته للشر والفساد، وكأنه يتحدث عن هموم الشعوب، ومع ذلك وقف مع سفاح قتل أكثر من مليون شخص من شعبه، وتسبب في تشريد أكثر من أربعة عشر مليون مواطن حول العالم في أسوأ مأساة إنسانية في تاريخ البشرية، ومع ذلك لا يزال هذا الفنان صامدًا في الدفاع عن المجرم، ولا يزال يستقطب للتمثيل في المسلسلات، وهو من الأعلى أجرًا! حزب في جنوب لبنان يُطلق عليه حزب الله، تسبب في تراجع وطنه عقودًا إلى الوراء بسبب سياساته وأنانيته الحزبية وتسلطه على كل من لم ينضوِ تحت عباءته من المسلمين السنة والدروز والعلويين والمسيحيين وبقية الطوائف، وشارك في إفساد حياة السوريين لأهداف سياسية، فسرق أحلام الأطفال والشباب وشعب سوري يُقدَّر تعداده بعشرين مليون نسمة، ومع ذلك هناك شريحة كبيرة من العرب والمسلمين تراه بطلًا قوميًا ومناضلًا دينيًا باسم الإسلام وباسم المقدسات، القدس وفلسطين! كذلك الرئيس الليبي معمر القذافي، الذي سجن وسحل شعبه، وأنشأ المعتقلات وجرَّع الشباب عذابات لا تنتهي، كانت الشعوب تتناقل خطاباته وكأنه زعيم باني وطن لا سارق أحلام! إضافةً إلى ذلك، الرئيس العراقي المشنوق صدام حسين، تراه الشعوب البطل القومي القوي، الذي استطاع أن يخلق كاريزما قوية جعلت العديد من المجتمعات العربية تنظر إليه بنظرة الإعجاب، ولا تقبل المساس به لا من قريب ولا من بعيد، وكأنه خلق حضارة عظيمة للعراق، بينما هو خلق أجهزة مخابرات كانت تصفي معارضيه ومنتقديه دون محاكمات، واستخدم الكيماوي لقتل شعبه، وأدخل شعبه في حرب طاحنة لمدة ثماني سنوات لم يجنِ منها العراق سوى الفقر والخراب والدم، ثم غزا دولة عربية جارة له واحتلها، فتسبب بحصار بلده من الأمم المتحدة امتد لعشر سنوات، أذاق فيها شعبه الجوع حتى أنهم كانوا يخلطون نشارة الخشب مع القمح لزيادة كمية الطحين، بعد أن كان العراق أيقونة العرب الأولى في الخدمات الصحية والتعليم، وأصبحت الأمية هي السائد والأصل! كل هذا يجعلك تتساءل: لماذا تُقدِّس المجتمعات العربية هذا النمط من التفكير؟ هذا يبرهن بما لا يدع مجالًا للشك أن الثقافة السائدة لا علاقة لها بالطبيعة الإنسانية. لهذا نستطيع القول وبوضوح إن ثقافة بعض مجتمعاتنا، تنتظر منا حقنة الموت الرحيم، وخلق ثقافة إنسانية جديدة تتوافق مع طبيعة الإنسان!