لا تزال كثير من المجتمعات، وخصوصًا في العالم العربي، تعاني من بقايا عقلية قد تكون استعمارية تمثّلت فيما يُعرف بـ«عقدة الرجل الأبيض» أو «عقدة الأجنبي»، وهي نزعة لا واعية تجعل كل ما هو قادم من الخارج يبدو أكثر تطورًا وأكثر صوابًا وأكثر قيمة. هذه النظرة، التي ترسّخت على مدى قرون من الاستعمار والتبعية، لا تزال تُفرز آثارًا سلبية على الشخصية الثقافية والهُوية الوطنية. ونجد هذا الانبهار المفرط حاضرًا في مجالات شتّى: من التعليم إلى الموضة، ومن اللغة إلى نماذج التفكير. فكم مرة نرى أن بعض الناس لا يأخذون رأيًا مأخوذًا على محمل الجد إلا إذا جاء من «خبير أجنبي»، وكأن العقل المحلي غير جدير بالثقة، وكأن التجارب غير الغربية لا يمكن أن تكون مرجعًا!
لكن العالم اليوم تغير، ومعه تغيرت موازين القوى والمعرفة. لم يعد الغرب هو المركز الوحيد للإبداع والتقدم، بل أصبحت الثقافات المتعددة مصدرًا غنيًا للإلهام والحلول. وهنا يأتي دورنا في استعادة ثقتنا بأنفسنا، ورفض تبعية فكرية لم تعد مبررة.
ثقافتنا ليست عبئًا نحاول التخلص منه لنشبه الآخرين، بل هي كنز ثمين يحمل في طياته رؤى وفلسفات وتجارب حياة مختلفة، يحتاجها العالم اليوم أكثر من أي وقت مضى. في زمن العولمة والتماثل الثقافي، أصبحت الخصوصية الثقافية ميزة لا عيبًا، وأضحى التنوع مصدر قوة لا ضعفًا. فالعالم لا يحتاج فقط إلى التكنولوجيا أو الابتكار الغربي، بل يحتاج إلى القيم التي تحملها ثقافاتنا: الضيافة، التماسك الأسري، احترام الكبير، الروحانية، والاتزان بين المادة والروح. هذه قيم باتت نادرة في مجتمعات تآكلت فيها الروابط الإنسانية.
المطلوب ليس الغرور أو الانغلاق، بل موقف وسطي يجمع بين الاعتزاز والانفتاح الواعي. أن تكون لنا أنفة ثقافية تعني أن ندخل حواراتنا مع الآخر بثقة، لا بخضوع. أن نتعامل مع الثقافات الأخرى على قدم المساواة، لا من موقع أدنى. أن نستفيد مما لدى الآخرين دون أن نذوب فيهم أو ننكر ما لدينا.
هذه الثقة لا تُبنى بالخطب أو الأمنيات، بل بالمعرفة العميقة لثقافتنا، بإحياء تراثنا العلمي والفكري، وبالاستثمار في لغتنا وفنوننا وآدابنا، وبالتوقف عن تقديم أنفسنا كـ«نسخة ناقصة» عن الغرب، بل كهوية متكاملة لها ما تضيفه للعالم.
لقد آن الأوان لنتحرر من عبء عقدة الأجنبي، ونكف عن النظر إلى الآخر بوصفه معيارًا أعلى. ليس تقليد الآخر هو طريق النهضة، بل وعي الذات والاعتزاز بها. حين نؤمن أن لنا ما نمنحه، لا فقط ما نتلقاه، نبدأ فعليًا في الخروج من التبعية إلى الشراكة، ومن التلقي السلبي إلى التأثير الإيجابي. فالعالم، بكل بساطة، بحاجة إلينا كما نحن لا كما يريدنا أن نكون.
لكن العالم اليوم تغير، ومعه تغيرت موازين القوى والمعرفة. لم يعد الغرب هو المركز الوحيد للإبداع والتقدم، بل أصبحت الثقافات المتعددة مصدرًا غنيًا للإلهام والحلول. وهنا يأتي دورنا في استعادة ثقتنا بأنفسنا، ورفض تبعية فكرية لم تعد مبررة.
ثقافتنا ليست عبئًا نحاول التخلص منه لنشبه الآخرين، بل هي كنز ثمين يحمل في طياته رؤى وفلسفات وتجارب حياة مختلفة، يحتاجها العالم اليوم أكثر من أي وقت مضى. في زمن العولمة والتماثل الثقافي، أصبحت الخصوصية الثقافية ميزة لا عيبًا، وأضحى التنوع مصدر قوة لا ضعفًا. فالعالم لا يحتاج فقط إلى التكنولوجيا أو الابتكار الغربي، بل يحتاج إلى القيم التي تحملها ثقافاتنا: الضيافة، التماسك الأسري، احترام الكبير، الروحانية، والاتزان بين المادة والروح. هذه قيم باتت نادرة في مجتمعات تآكلت فيها الروابط الإنسانية.
المطلوب ليس الغرور أو الانغلاق، بل موقف وسطي يجمع بين الاعتزاز والانفتاح الواعي. أن تكون لنا أنفة ثقافية تعني أن ندخل حواراتنا مع الآخر بثقة، لا بخضوع. أن نتعامل مع الثقافات الأخرى على قدم المساواة، لا من موقع أدنى. أن نستفيد مما لدى الآخرين دون أن نذوب فيهم أو ننكر ما لدينا.
هذه الثقة لا تُبنى بالخطب أو الأمنيات، بل بالمعرفة العميقة لثقافتنا، بإحياء تراثنا العلمي والفكري، وبالاستثمار في لغتنا وفنوننا وآدابنا، وبالتوقف عن تقديم أنفسنا كـ«نسخة ناقصة» عن الغرب، بل كهوية متكاملة لها ما تضيفه للعالم.
لقد آن الأوان لنتحرر من عبء عقدة الأجنبي، ونكف عن النظر إلى الآخر بوصفه معيارًا أعلى. ليس تقليد الآخر هو طريق النهضة، بل وعي الذات والاعتزاز بها. حين نؤمن أن لنا ما نمنحه، لا فقط ما نتلقاه، نبدأ فعليًا في الخروج من التبعية إلى الشراكة، ومن التلقي السلبي إلى التأثير الإيجابي. فالعالم، بكل بساطة، بحاجة إلينا كما نحن لا كما يريدنا أن نكون.