الرياض: منال الحمادي

بدأت عدد من الفتيات يشتكين في الآونة الأخيرة من تغيّر مفاجئ في طبيعة الشعر، من مموّج إلى أملس، أو من ناعم إلى خشن، إضافة إلى شكاوى متزايدة من تساقط الشعر المرتبط بشرب الماتشا.

هذا الأمر الذي يتكرر بات حديث منصات التواصل الاجتماعي، ومثار تساؤلات لا تنتهي حول ما إن كانت اللقاحات، أم الماتشا، أم عوامل أخرى خفيّة هي السبب؟

تداول كبير

تقول ملك (30 عامًا) إنه «في عام 2021 ومع التداول الكبير لفكرة أن اللقاح يسبب تساقط الشعر، اقتنعتُ بهذا الكلام، بخاصة أنني كنت أعاني أصلا من تساقط شعر كثيف. بعد سنوات أجريت تحاليل، وكانت النتيجة سليمة، ومع ذلك استمر التساقط. عندما اهتممتُ بتحسين نمط حياتي ورفع العناصر الغذائية الأساسية إلى مستويات صحية، خفّ تساقط الشعر بشكل كبير وبدأ شعر جديد ينمو. تجربتي مع اللقاح علّمتني أن أبحث عن السبب الفعلي بدل الاعتماد على الشائعات».

أما سارة (21 عامًا) فتروي تجربتها مع الماتشا قائلة، «كنتُ أحب الماتشا بشدة لدرجة أنني خلال أسبوع واحد شربت ما يقارب 40 جرامًا منه. في البداية لاحظت بقعة صغيرة شبه صلعاء خلف أذني، ولم أعرها اهتمامًا كبيرًا، لكن مع مرور الوقت ظهرت فراغات متعددة في شعري. عندها فقط تذكرت تحذيرات والدتي من الإفراط في الماتشا، وأدركت أن حبّي لهذا المشروب جعلني أتجاهل العلامات المبكرة. بعد أن قللت الكمية، وداومت على العلاج، بدأ شعري يعود تدريجيًا لطبيعته.

حالات مجهولة

تشير أخصائية الشعر العنود العمار، وهي تعمل في أحد الصالونات النسائية، إلى أنّها تستقبل حالات كثيرة لا تعرف صاحباتها سبب تساقط الشعر أو سوء حالته الصحية. تقول»عادةً أبدأ بالسؤال عن روتينهن اليومي، وألاحظ أن نسبة كبيرة منهن يبدأن صباحهن بشرب الماتشا بشكل يومي. كثيرات يستغربن حين أقول لهن إن هذا قد يكون أحد الأسباب المؤثرة، إضافة إلى أن تغير طبيعة الشعر أمر طبيعي في مراحل مثل البلوغ، أو بعد استخدام علاجات قوية مثل الروكوتان. كذلك أذكّرهن دائمًا أن أول وجبة في اليوم لها دور مهم في ترتيب الهرمونات ومستويات الإنسولين سواء للفتيات الصغيرات أو الكبيرات».

وتضيف الأخصائية حصة «لاحظنا في الصالون زيادة في شكاوى التساقط وتغيّر الملمس بعد اللقاحات أو الماتشا، لكننا نؤكد دائما أن السبب يحتاج إلى فحوص طبية دقيقة وغالبا يكون مرتبطًا بنقص الحديد أو الضغط النفسي. هذه الشهادات الشخصية تعكس جدلًا وتجارب فردية تحتاج إلى دراسات علمية للتأكد من الأسباب الحقيقية قبل إطلاق أحكام».

اللقاحات كمتهم أول

مع تزايد الشهادات الشخصية، وُجهت أصابع الاتهام إلى اللقاحات بوصفها سببًا محتملاً لتساقط الشعر. ويقول الدكتور عامر السوسلي (طبيب جلدية وزراعة الشعر) «بعض الحالات التي تابعتها أظهرت تساقطًا من النوع الكربي بعد التطعيم».

في المقابل، أكدت وزارة الصحة السعودية أن هذه المزاعم لا تستند إلى دليل علمي قاطع.

تفسيرات بديلة

بينما يرى البعض أن اللقاحات هي المتهم الأول، يشير آخرون إلى أنّ تغيّر وتساقط الشعر قد تكون له أسباب متعددة أكثر شيوعًا. فالعوامل الغذائية مثل نقص الفيتامينات أو المعادن، وجودة المياه بما تحمله أحيانًا من أملاح ومعالجات كيميائية، إضافة إلى التلوث البيئي والضغوط الهرمونية المرتبطة بالبلوغ أو الحمل أو بعض العلاجات الطبية كلها قد تسبب ذلك.

ويبرز هنا مشروب الماتشا كعامل غذائي مثير للجدل؛ فعلى الرغم من فوائده المعروفة، تشير دراسات غذائية إلى أنّ الإفراط في تناوله قد يقلل امتصاص الحديد من الجسم، وهو عنصر أساسي لصحة الشعر وكثافته.

وتؤكد الدكتورة داليا سعيد آل جواد (أخصائية التغذية العلاجية) «أن شرب الماتشا مع الوجبات أو مع الحليب قد يفاقم هذه المشكلة، لأنه يقلل من امتصاص الحديد، وقد ظهر ذلك لدى بعض الحالات في الفحوصات المخبرية».

كما يعود الدكتور عامر السوسلي إلى التأكيد أن الحمية القاسية وإبر التخسيس من أبرز العوامل التي يواجهها في عيادته، وهي سبب شائع لتساقط الشعر الكربي، مؤكدًا أن التوازن الغذائي ضروري للحفاظ على قوة الشعر وصحته.

لا دليل عليما

في نهاية الأمر، يبقى السؤال مطروحًا: هل اللقاحات أو الماتشا بالفعل وراء هذه الظاهرة؟ حتى الآن، لا يوجد دليل علمي قاطع، وما طُرح لا يتجاوز فرضيات وملاحظات أولية. وهو ما يجعل الحاجة ماسّة إلى دراسات واسعة ومنهجية لفصل تأثير كل عامل عن الآخر، وتقديم إجابة علمية دقيقة بدل الاكتفاء بالتخمينات.

وعلى الرغم من تزايد الشهادات الفردية وطرح فرضيات متنوعة، فإنّ البحث العلمي حول هذه الظاهرة لا يزال محدودًا.

ويؤكد الدكتور خالد الشهراني (أخصائي جلدية وتجميل) أنه «لا توجد دراسات محلية أو عالمية واسعة تبحث بشكل مباشر في العلاقة بين اللقاحات أو الماتشا وتغيّر طبيعة الشعر. ما هو متوفر لا يتعدى تقارير حالات فردية أو دراسات مقطعية صغيرة الحجم رصدت تساقطًا مؤقتًا للشعر بعد التطعيم، أو نقصًا في امتصاص الحديد بعد الإفراط في شرب الماتشا".

آراء خبراء

يؤكد أطباء جلدية أن تغيّر ملمس الشعر أو تساقطه بعد اللقاح أو الماتشا يظل احتمالًا يحتاج إلى دليل علمي، فيما يشير خبراء التغذية إلى أن الإفراط في الماتشا قد يقلل امتصاص الحديد، فيؤثر في صحة الشعر. أما أطباء الصحة العامة، فيحذرون من تضخيم الشائعات، ويدعون إلى الاعتماد على الدراسات الموثوقة قبل إطلاق أي أحكام.

التوصيات

يوصي الدكتور الشهراني الأشخاص المصابين بفقر الدم بعدم شرب الماتشا، لأنها تسبب منع امتصاص الحديد نهائياً، وبالتالي هم لديهم نقص في مخزون الحديد والابتعاد عن سحب اللون أو تعريض الشعر للحرارة بكثرة، وموازنة الغذاء.