أحييك على مقالك الناقد لقناتنا العربية لأنه جاء من شخص محب في زحمة المتحاملين. وبالتأكيد لا يمكن أن ندعي أن محطة تنقل على شاشتها أكثر من خمسة آلاف خبر عاجل في السنة منزهة من الخطأ، عمليا هذا صعب، آخذين في الاعتبار الزمن والجغرافيا وتنوع الموضوعات.
أنت لمت العربية في مقالك المنشور بالعدد 4583 تاريخ 17/4/2013 تحت عنوان: سعودي في تفجيرات بوسطن ولأنك خير من يعرف أن وسيلة كالصحيفة والتلفزيون، تنقل الأخبار عن مصادرها مثل المراسلين، وشهود العيان، ووكالات الأنباء الكبرى، ووسائل الإعلام ذات العلاقة بالحدث. وأنا تلميذ الصحافة السعودية، كانت أولى مهمامي الصحفية العمل الميداني كمراسل محلي لصحيفة الجزيرة، أجلب الأخبار من مصادرها الأصلية، ثم كمراسل ميداني في واشنطن لسبع سنوات، إضافة إلى كوني خريج إعلام من الولايات المتحدة. وكان جزء من دراستي المصادر وضوابط النقل والصياغة، ثم بحكم عملي كإداري صحفي معني بقوانين النشر، وكذلك الدعاوى أمام المحاكم واللجان التحكيمية. وبالتالي ضوابط المهنة هاجس دائم لي وزملائي.
أنت مثلنا، تعرف أن كل خبر أو رأي يذاع دائما ستجد من يتأذى منه أو لا يرضى عنه، لكن هذه مهنتنا نحن.. رسل الأخبار السيئة. وللنقل الفوري للأخبار مخاطر، تشبه سباق السيارات التي تركض بسرعة 350 كيلومترا في الساعة، المخاطرة عالية مهما كانت احتياطات السلامة. والعربية، ككل وسائل الإعلام الإخبارية التلفزيونية، عندما تنقل خبرا تنسبه لمصدره. وهذا ما فعلت مع خبر عن مشتبه سعودي، نسبته، وعدة مصادر أخرى أذاعته، لا النيويورك بوست فقط، ورددته أكثر من 15 ألف وسيلة إعلامية تلك الليلة وفق جوجل، وهناك فيديو لشرطي يفحص جوازات سعودية وبثته عدد من المحطات الكبرى، كما تم تفتيش منازل وإجراء عملية استجواب المشتبهين، بثبوت هذا لا تستطيع العربية كمحطة أخبار أن تتجاهل الخبر. وظيفتنا بث الخبر مع شرح ظروفه، وهذا ما فعله فورا زميلنا طاهر بركة، فقد استضاف مراسلنا من نيويورك لينبه إلى أن الخبر أولي، وأن من طبيعة العمل الأمني مساءلة كل المتواجدين، وأن المشتبه به لا يعتبر متهما.
طبعا، أتصور أن من تفاعل مع الخبر سلبا فئتان، فئة القلقين على ذويهم، والجماعات الكارهة لـالعربية'. الأولى نقدر ظروفها، وندرك أن كل خبر نذيعه عن قصف مدينة أو تفجير في حي أو شارع في سورية أو ليبيا مثلا، أو كارثة ما، يجعل الخبر آلافا من الأهالي في حالة خوف، إنما بكل أسف هذه وظيفتنا، نقل الأخبار مهما كانت مفزعة. والفئة الثانية ضد العربية وهي جماعات اعتدنا على بذاءتها ضدنا منذ سنين طويلة، تذكرنا بالإمام أبوحنيفة وجاره الذي كان يزعجه بجلبته كل ليلة عندما يثمل، ويرفع صوته منشدا أضاعوني وأي فتى أضاعوا.... جيراننا وخصومنا يسبوننا في كل خبر وسبق، من خبر السفينة الإيرانية قبل أيام والتي ثبت أنها إيرانية، وخبر قصف مطار دمشق والطائرة والفيديو يؤيد روايتنا، ورواية اغتيال الشيخ البوطي. ولأن العربية تعمل في ظروف مضادة سياسيا تعرضت المحطة منذ ظهورها لهجمات ممنهجة بتهمة أننا نسبح ضد التيار، وكان نقادنا حينها يهللون لجرائم القاعدة، ويثنون على أفعال حزب الله والأسد ونجاد، ويحاسبوننا بناء عليها. أبناء هذا التيار غيروا اتجاه سباحتهم والآن يحاسبوننا!
أخي علي، من المؤكد أننا نخطئ في عمل معقد على مدار الأربع والعشرين ساعة يوميا، وقد كان خبرنا صحيحا في وقته، حيث حققت الشرطة مع مشتبه بهم بالفعل، وفتشوا منازلهم وبينهم سعودي، هذه أخبار لا مناص للمحطة الإخبارية من إيرادها حتى لو اغضبتنا وآلمتنا، وقد أوردت الخبر عشرات المحطات وآلاف الصحف. هذه وظيفتنا التي قد لا تسر صديقا.