دلال المالكي



منذ كنّا صغارا في مراحلنا الدراسية الأولى وحتى تخرجنا في الجامعات لا أذكر حينها أن مدارسنا وجامعتنا كانت تخصص يوما للاحتفال باليوم الوطني، أو ذكرى التأسس، ومع ذلك فقد حفظنا النشيد الوطني قبل انخراطنا في المراحل الابتدائية، في زمن لم نكن نعرف فيه أيضا الدراسة التمهيدية، وعرفنا أسماء ولاة أمرنا منذ المؤسس -رحمه الله- وحتى آخر أبنائه حكما آنذاك.

كانت مناهجنا الدراسية تتوسع في كل مرحلة في ذكر جهودهم الوطنية والعربية في سبيل الوحدة والتضامن الإسلامي وحماية المقدسات فزادت محبتنا لهم، وزاد استشعارنا لمكانة الوطن الذي له ننتمي.

 حين كنّا صغارا نلتف حول جداتنا ننتظر منهن قَص الأساطير والخرافات، كي نحلق في سموات الخيال، وكنا نأنس في بعض الأحايين للعودة للواقع، لم ذلك الواقع بعيد عن فترة التأسيس، فيأخذهن الحماس فيروين ما عاصرنه من بطولة المؤسس، والدور الذي لعبنه في البيعة والولاء هن وذووهن، وتروي أمهاتنا في دهشة كيف يموت الملك خلف الآخر وهم يهتزون خوفا مما قد يعتري البلاد من انقلابات، كما كان يحدث آنذاك، ثم يضطر أحدهم إلى الخروج في أمر من مدينة إلى أخرى فإذا الأمن مستتب، والأمور مستقرة، وظل ذلك الدأب على عصورنا، وسيظل للقادم من عصور أبنائنا وأحفادنا، بمشيئة ربانية تعهدت بحفظ هذا البيت وما جاوره.

هذه الذكريات التي تعبر القلب تذكر بأن الاحتفال بهذا الإنجاز والفخر به، يكون كذلك إنجازا ومساهمة في دفع عجلة التقدم والرفع من شأن هذا الوطن، الذي لم يعد يحمل على متنه هم أبنائه فقط، بل هموم الأمة العربية جمعاء.

وهذا الإنجاز المنتظر من المواطن والمقيم هو الذي من شأنه أن يعزز ويبرهن على معاني الانتماء والولاء.

فإذا كان هؤلاء الأوائل قدموا برغم الفقر والجهل وقلة الحيلة في أزمنتهم ما يجعلهم يفخرون بإنجازهم لوطنهم، فالمنتظر منا أكبر، والمأمول منا أوسع، في ظل انتشار العلم والمال والوقت والجهد، فقط نحتاج عقولا وقلوبا تسخر للانطلاق عبر فضاءات الإنجاز، دعما لهذا الوطن، وسعيا إلى تطويره. وكل عام وأنت في عز وأمن وأمان يا وطن الشموخ.