كيف يمكن أن يعترض إنسان متحضر على طلب منح إنسان يشعر أنه ظلم حق التقاضي ؟ لماذا تحرم سيدة مطلقة من حق الاعتراض على أمر تشعر أنه غير منصف، وتمنع من أن تقدم دعوى قضائية لقاض مسلم، ينتمي لنظام قضائي قائم على الشريعة الإسلامية التي تعتبر قيمتها الأولى دفع الضرر عن المسلم وجلب المصلحة والسعادة لحياتها، فكيف لو كان هذا المسلم امرأة؟

هذا ما طالبت به في المقال السابق، وأعيده هنا للدكتور وليد الصمعاني و وزارة العدل، مكنوا النساء من حقهن في التقاضي، على مثل هذه المظالم، ففي الوضع الحالي وبتصنيف الدعاوى الإلكترونية، ترد الدعوى، وهن سيدات سعوديات يشعرن بالظلم، ويردن أن يستمع لدعواهن قاض سعودي، لا نشك في قدرته على إنصاف الجميع المطلق، والسيدة مقدمة الدعوى.

الأمر الآخر، حتى متى يبقى تجاهل أن للمطلقة حقا يدفع به العقل على طاولة النقاش، ولا يوجد ما يمنع من فرضه لا دين ولا شريعة، ولنا في تجارب دول إسلامية أخرى قدوة. ففي الكويت جارتنا الأقرب والمماثلة لنا في النسيج الاجتماعي، المتمثل غالبيته في القبائل والعوائل المتحضرة، والتقاليد الشديدة، استطاعوا أن يبنوا منظومة حقوقية للمطلقات تحمي كرامتهن وتحفظ حقهن في حياة آمنة بعد الطلاق، وأهمها منزل الزوجية الذي لا يستطيع إخراجها منه، كما منحت سنة متعة، تزيد وتنقص بحسب سنوات العشرة بينهما. قد يقول قائل إن ذلك ليس في القرآن الكريم والسنة، ولكن الحقيقة أن قوانين الأحوال الشخصية في الكويت وشبيهتها في المغرب، اعتمدت على المذاهب الإسلامية وقواعدها الأصولية، ولم تخرج عن الإسلام أبداً، ومن الظلم للشريعة المتطورة والمرنة، أن تدعي أنها غير قادرة على احتواء وضع مأساوي لسيدة دفعت عمرها في رعاية رجل وتربية أولاده وتوفير أجواء مكنته من بناء ثروته أو وظيفته.

إن نظام مساندة المطلقات أصبح ضرورة وحقا للسعوديات خاصة في عصر الرؤية وتمكين المرأة، وهو لا شك ليس تمكينا في بيئة العمل، ولكن أيضاً تمكين اجتماعي يصون كرامتها.