في محطات الحياة تتغير اهتمامات كل مرحلة، ويأتي نمو الوعي بمثابة الناقوس الذي يدق في طريق الزمن المتسارع، كي نقف على شرفة الاعتذار عن أخطاء مارسها تدني الوعي طوال سنوات مضت من أعمارنا.

حينما أخبرك يوما أنني دخلت مكتبك دون إذن، لأنني لا أجيد قراءة ما حوته العبارة الموضوعة بعناية «ممنوع الدخول»، فهل يبقى من عتبك شيء، إن أدركت بعد مرور زمن طويل أنني بالفعل لا أجيد القراءة في ذلك الزمن؟

وللحق، فإن العقل المنصف لا يجب أن يحمل العتاب على الجهلاء عندما يتأكد من جهلهم، ويقف بصدق عند وجع اقترافهم الأخطاء.

هذا -بهدوء- ما يحصل لكل داعية أو كاتب، اقترف خطيئة ضد وطنه ومجتمعه، في بداية خطوات الطريق للعبور نحو حرية الرأي أو اعتلاء منبر الوعظ، ومن درجات الوعي الوسطي أن نؤمن بحياة الآخرين خلال اعتذارهم، وأن درجة من سلم الوعي صنعت فيهم شجاعة الاعتذار. ومن اتبعهم في جهلهم، هو في دائرة مسؤوليتهم آنذاك، لكن حيلتهم في بدايات الطريق لم تكن كافية وتجيد قراءة الزمن حتى يعلموا أنهم على خطأ. الإسلام أتى به خير البشرية، ومن اتبعه فاز بخير الدنيا والآخرة، وضمن له الله أن منزلته تؤخذ بعد قيام الحجة عليه، ولم نجد في سيرة الصحابة أو التابعين من ينتقدهم على أخطاء ارتكبوها قبل الإسلام.

هنا وقفة وعي ومرحلة عمر تتغير فيها كل مفاهيم ذواتنا، ليس من الحق أن نرفض نمو الوعي في حياتنا حينما يأخذنا إلى الصواب، حتى وإن وقعنا في خطأ الوعي قبل ذلك.