إن كتب الله عليك عزيزي المريض، أنك من سكان الرياض مثلا، وجاء وقت تكليفك بالعمل في أحد المناطق الصغيرة أو المتوسطة، وعانيت من اضطرابات مرضك المزمن هذا، وتحتاج إلى طبيب (استشاري) لتشخيص حالتك، وفوجئت بعدم وجود حتى طبيب (أخصائي) لمرضك في هذه المنطقة بأكملها، (وحالك من حال مليون نسمة آخرين يسكنون المنطقة) فماذا تفعل؟.

باختصار إما أن تكون واعيا ومثقفا ومطلعا جدا، وتجيد الإنجليزية بشكل يوحي بأنك (ثقة)، إضافة إلى أنك عضو فاعل في الجمعية العالمية لمرضك، ليأخذ بعين الاعتبار الاستماع إلى رأيك في تشخيص حالتك، ويطبق ما قلت لهم، من باب الثقة بك وليس من باب أنك قمت بتذكير الطبيب المعالج، بما نسيه.

وإما أن تكون مثل الأغلبية العظمى من المرضى، وتسلم نفسك لطبيب يعمل بعيادة وعلى كرسي منذ أكثر من 20 عاما، ولم يجبر من قبل وزارة الصحة على حضور المؤتمرات الطبية كل 6 أشهر (سواء داخل المنطقة أوخارجها)، ولم يطلب منه اختبار سنوي لتحديد مستوى اطلاعه على المستجدات في تخصصه الطبي الذي يتجدد يوميا، وليس كل 20 عاما، كما يعتقد صاحبنا الذي يعرف أسماء المراجعين وأرقام ملفاتهم وتواريخ زواجاتهم، حتى تاريخ آبائهم المغاوير.

ورغم هذه الخبرة الكافية لجعله يذهب من البيت إلى العمل وهو مغمض عينيه، إلا أنه لا يستطيع تشخيص حالة أحدهم، لأنه أصبح في حال أشبه بالشخص الذي انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي وهو يقول (والله إني ذلحين ناسي ياولد).

خلاصة القول: وزارة الصحة في أغلب مدن المملكة الصغرى والمتوسطة، ( لم تعمل بجد ) على تغطية المستشفيات باستشاريين أو حتى أخصائيين بالعدد الذي يتناسب مع الأعداد الموجودة في هذه المدن، ولذا تجد في بعض المستشفيات أن الطبيب (المقيم) يعمل بالمهام المناطة بالطبيب (الأخصائي)، ولن تكتشف الموضوع ما لم تكن ذا باع طويل في دهاليز مستشفيات ومستوصفات الصحة.

لذا إن كان هناك عجز بهذا القدر المهول فهناك سؤالان:

ـ لماذا لم تقم الوزارة بفتح تطبيق للطبيب (المقيم) أو حتى (الأخصائي)؟

تطبيق للتواصل بالصوت والصورة مع استشاريين معتمدين، حتى وإن كانوا من خارج المملكة ويدفع لهم بأجر الساعة، أو حتى فتح خط ساخن، يستطيع به الطبيب الذي كتب على نظام التشغيل الطبي في دماغه (آخر تحديث، أيام الطيبين) أن ينقذ حياة المريض الذي بين يديه، وليس لديه القدرة على مساعدته، لأنه يغرد خارج سرب تحديثات زملائه في المدن الكبيرة، لذا تجد نسبة تحويل المرضى إلى المستشفيات المرجعية، بأرقام فلكية، وبتكاليف تذاكر وغيرها، قادرة على جلب هذا التطبيق، (ومن خلف مبتكر هذا التطبيق).

ـ لماذا لم يعاقب من لم يحرص على تحديث معلوماته الطبية، ويكافأ من يقوم بالعكس؟

ومهما كان السبب، على الوزارة أن تعلم أن أطباءها بحاجة إلى استشارات 937 أكثر من المرضى.

نظرة للسماء: (ومن أحیاها فكأنما أحیا الناس جمیعا).