هناك صور متنوعة للحالة الخمينية بعد أربعة عقودٍ من اندلاع شرها المستطير على المنطقة، وحتماً أن أربعة عقود كفيلة لإعطاء ملامح جلية عن الحالة الخمينية، وتحديد أبعادها وحضورها في المشهدين العربي والإسلامي.

تتشكل الصورة الأولى في الداخل الإيراني، فمشهد الاحتجاجات الشعبية وتفاقم الاحتقان الاجتماعي يسيطران على أبرز ملامح الصورة الإيرانية الحالية، فخلال الثلاثة عقود الأولى من الثورة الخمينية، وبسبب القبضة الحديدية لميليشيات الحرس الثوري، عاش الإيرانيون جحيماً من البؤس وألواناً من الاضطهاد القسري، ولم يكونوا يجرؤون أبداً على أي نمطية اجتماعية تغاير معايير الولي الفقيه، ولكن الصورة اليوم تتغاير جذرياً وبتسارع زمني لدرجة أن مناظر الاحتجاجات وتعابير السخط الشعبي باتت مشهداً اعتيادياً في الإعلام الإيراني والعالمي.

المحللون السياسيون والمفكرون أغلبهم يراهنون على سقوط طهران من الداخل؛ لأن أربعة عقود من تراكم الفشل السياسي والاقتصادي كفيلة باكتمال صورة الرحيل والأفول لعمائم الإرهاب والاضطهاد الديني، وتسلطهم على رقاب الإيرانيين الذين عانوا كثيراً من ويلات الحروب العبثية في الدول التي تورط الملالي فيها عبر تدخلاته السافرة في بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، إضافة إلى إشكالية العزل، فالإيرانيون وبسبب سياسات الملالي معزولون عن محيطهم الجغرافي ومنبوذون من شعوب العالم والدول والمجاورة.

في العالم الغربي، الصورة الخمينية غير مرغوب فيها كنظام حاكم للدولة الإيرانية، فكوارث الإرهاب وصنائع التخريب في كل بقاع العالم تفوح منها رائحة العمائم الملالية، وما نعانيه اليوم من التضخم الهلامي لطهران كان بسبب بعض الدول الأوروبية التي استطاعت إقناع الرئيس الأميركي السابق باراك أوروبا بضرورة الاتفاق النووي مع طهران، وهذا ما تلافاه الرئيس الحالي دونالد ترمب عندما ألغى ذلك الاتفاق المشؤوم، وأعاد المارد الهلامي، واليوم، نجد بعض الدول الأوروبية التي اصطفت مع طهران في صراعها مع الأميركان هي لا تعبر إلا عن مصالحها الاقتصادية فقط لاسيما في جانب الأسعار النفطية التي تبيعها طهران لها بالأثمان البخس حتى تستعطف مواقفها السياسية، أما قضايا الفوضى والدمار التي تسببت بها طهران في المنطقة، فهذا محل اتفاق بين دول وشعوب العالم أجمع.

هذه الدول الأوروبية التي أبدت تعاطافها مع طهران هي مجبرة اليوم على تغيير مواقفها السياسية حتى لا تدخل في صراع سياسي واقتصادي مع الولايات المتحدة - القوة العظمى في العالم - لا سيما أن واشنطن فرضت حزمة ضخمة من العقوبات الاقتصادية على طهران، وأبدت صرامة شديدة في تنفيذها على أرض الواقع، كما أن قمة مكة المكرمة الإسلامية التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- في السادس والعشرين من رمضان الماضي، هي بمثابة دعوة إسلامية متكاملة لعزل هذا النظام الإرهابي عن محيطه الجغرافي في المنطقة، فالصورة الخمينية غير مرحب بها بين دول وشعوب العالم العربي والإسلامي.