350 ألف موظف، وأربعة آلاف متطوع يخدمون الحجيج في مكة. أربعة مستشفيات بحوالي 500 سرير، و26 مركزاً صحياً في منى فقط، إضافة إلى 16 مركز طوارئ في جسر الجمرات. حقائب متنقلة من مديرية الجوازات لتسهيل انسيابية تنقل الحجاج من المنافذ إلى المشاعر. فرق جوية وأرضية وراجلة تعمل 24 ساعة تحت مظلة الهلال الأحمر. ضبط أمني عالي المستوى من قبل أجهزة الأمن. خطط انتشار موسعة للدفاع المدني. وغيرها كثير من الخدمات المذهلة التي تقدمها أجهزة الحكومة للحج والحجيج.

لماذا أذكر هذا الإشارات؟ لأنه من المعروف عن كتاب المقالات في الصحف، أنهم دائمو الانتقاد للأجهزة الحكومية ولما تقدمه من خدمات عامة موكلة إليها.

أنا شخصياً أكتب في كثير من الأحيان عن الجامعات، وأنتقد بعض القصور في أدائها. وهذه الأيام بما أننا قد انتهينا من موسم الحج العظيم، فإنني أعتقد أنه من المتوجب عليّ، أن أشيد بشكل واضح، بأعمال معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة التابع لجامعة أم القرى، أشيد بأعمالهم العظيمة في المجال البحثي لخدمة الحج والحجيج. سأذكر لك عزيز القارئ عدداً قليلاً من أعماله التي يقدمها وستعرف لماذا أشيد بهم.

المشروع العظيم لجسور رمي الجمرات في منى، كان هو الاستشاري البحثي الرئيس له، وكانت توصياته هي المأخوذة في عين الاعتبار عند التنفيذ.

مشروع النقل الترددي للحافلات داخل مكة في موسم الحج وطريقة تنظيمه وترتيبه، هم أول من بذر بذرته الأولى.

برنامجهم الضخم المسمى بـ (مشروع الحج الأخضر) والذي بدأ مرحلته البحثية الأولى في 1432 وانتهى في 1437 ودخل هذا العام قيد التطبيق الفعلي، وهو مشروع يستهدف المحافظة المستدامة على بيئة المشاعر المقدسة من التأثيرات السلبية للنفايات بطريقة إبداعية متميزة، وذلك حفاظاً على صحة وسلامة الحجاج والسكان ومقدمي الخدمات.

يكفي هذا المعهد أنه قدم من جهوده 45 عاماً لخدمة الحج والعمرة في المجال البحثي، وفي هذا العام فقط قدّم المعهد 42 دراسة متخصصة في الحج، قام بها 66 باحثاً من جنسيات متنوعة. في التقنيات والنقل والذكاء الاصطناعي والخدمات اللوجستية وإدارة الحشود وغيرها كما أشار إليه مراسل قناة العربية.

وعليه أقول، إن كل الأعمال التي تقدمها الجهات الحكومية في الحج مدهشة، إلا أن ما يقدمه المعهد التابع للجامعة أمر في غاية الروعة والإبداع والتميز، وهو بمثابة الجوهرة من التاج.

يتحدث غازي القصيبي في (التنمية، الأسئلة الكبرى) عن رسالة دكتوراه لباحث غربي عن تنظيم الحج، جاء في نتائجها: (أنه لو حدث في أي دولة صناعية أن قَدِم عدد من الزوار يماثل عدد الحجاج القادمين إلى المملكة في الفترة الزمنية نفسها، لحدث انهيار تام في الخدمات العامة) تعليقي: في الحج قصص لنجاحات إدارية تستحق أن تروى.