تعرض نتفلكس مسلسلاً محدود الحلقات عن الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين، الذي تدعي إسرائيل أنه كان مرشحا للحصول على منصب نائب وزير الدفاع السوري، وأنه كان مقربا من أمين الحافظ الرئيس السوري في ذلك الوقت.

في الحقيقة إن اللواء المتقاعد صلاح الضللي، والذي حكم على إيلي كوهين بالإعدام، ينفي ذلك تماما في كتابه عن إيلي كوهين، ويثبت بالدليل عدم إمكانية اللقاء بين إيلي وأمين الحافظ، وإنما أرادت إسرائيل صناعة دعاية كاذبة عن قدراتها الاستخباراتية. على كل حال هناك كلمة واحدة تبرز في ذهنك منذ المشاهد الأولى، وتظل معك حتى نهاية الحلقة الأخيرة، هذه الكلمة هي الإقصاء.

الإقصاء الاجتماعي كان خلف كل ما فعله إيلي كوهين الشاب اليهودي بملامح عربية، لانتمائه للسفارديم اليهود الشرقيين، ويعاني وزوجته التهميش من اليهود الأشكيناز الغربيين، والذين لا يختلفون فقط في الملامح، ولكن حتى اللغة والمستوى المادي المرتفع والمكانة الاجتماعية التي مكنتهم من تولي مركز القيادة في الكيان الصهيوني، وتركت الفتات لليهود السفارديم.

يحاول إيلي أن يقنع الجميع بوطنيته، وهذه إحدى الوسائل التي يحرص عليها من يعاني الإقصاء داخل الوطن، وقد تؤدي به إلى التطرف في إثبات انتمائه والذي يصل للتشكيك بحق غيره في المواطنة وليس فقط المساواة في الانتماء.

في الحلقات تتردد رغبته في أن يكون بعد كل ما فعل سفيراً للوطن، أن يحتل مكانة جيدة لكن بعد عودته لقضاء إجازة، يصطدم بحارس أمن يشكك في قدرته على شراء جهاز تلفزيون، فيتجدد شعوره بالإقصاء، وبدلا من قراره بالبقاء، يقرر العودة لعمله الخطير، كأنه يرد على المشككين بإسرائيليته، أنه وطني أكثر منهم رغم وضوح خطورة القبض عليه.

لقد انتحر ليثبت لهم أن له حقا في أن يكون مثلهم، لكن حتى بعد انتحاره الوطني هذا، ظل في نظرهم أقل أهمية من تحريك العالم كما يفعل الإسرائيليون عادة لإنقاذ جواسيسهم، لتندد بذلك زوجته وهي تشجب هذا الاحتقار البالغ لزوجها، الذي ظن أنه لا بد أن يثبت وطنيته لمن لا يصدقونه أبدا.