سنة الله في الكون استمرار التغيير للأفضل.. رؤية 2030 ترتكز على التغيير للأفضل.. وطني يتغير دوما للأفضل.. يرقى ويطمح للأفضل.. التعليم أكبر شريحة مؤثرة في التغيير وتحقيق الرؤية.

الإشراف التربوي عليه مسؤولية كبيرة في قيادة وتوجيه هذا التغيير ليصبح تغييرا للأفضل..في احتفالات المدارس، في اكتشاف المواهب، في تحفيز التميز، للأسف نجد أنه لا يزال هناك الكثير الكثير لم يعِ أهداف الرؤية، ولا طموحات التغيير، نجد هناك من لا يزال يحتفل باليوم الوطني من خلال لوحة أو مجسم أو عمل منسوخ يكتب عليه (عادة) مشاركة الطالب.

اليوم الوطني يجب أن تستهدف فعالياته تعميق الانتماء الوطني بأسلوب عصري وعملي، يعزز لدى الطلاب روح المبادرة والعطاء والتطوع والإتقان وحب العمل.. قيم سامية هي دربهم نحو النجاح وحب الوطن. من الجميل أن يعي المسؤول عن الطالب أياً كان، أن البناء الفكري والتنموي والإنساني هو ما سيوصل المنجز الوطني السعودي، وهو الذي سيحقق الرؤية. بالتأكيد أنه سيتبادر إلى ذهنك أن هذه الكلمات ما هي إلا نظريات لا يمكن تطبيقها على الواقع، وقد تكون متحمساً لمعرفة ما هي الطرق التي توصل لها، وكيف لك أن تساهم في تطبيقها.

الحمد لله ليس ذلك بالشيء الصعب ولا المستحيل فقط يحتاج إلى تخطيط وتنظيم. عندما يتم الإعلان عن مسابقة للطلاب إن كنت مسؤولاً فلا تقبل إلا عمل الطالب نفسه، رسم أنامله أو تعبير أفكاره أو تصوير عدسته أو.... فذلك ينمي لديه المصداقية، ويبني لديه استشعار المواطنة، فما تشاركت فيه الحواس مع الإحساس لا بد أن وقعه في النفس لن ينسى.

اقبل من الطالب جهده وأشعره بقيمة عمله مهما كان رديئاً وأعطه الملاحظات بحب وسيأتي لك بعمل قادم أكثر إتقاناً، لا تجعل من اليوم الوطني مناسبة للتفاخر بعرق أو قبيلة أو عشيرة أو طائفة فهو يوم للوطن وللوطن وحده ننتمي، نتفاخر بإنجازاته، نسعى لتحقيق رؤيته، فمن الواجب علينا أن يكون توجهنا طوال العام نحوه فقط فما بالك في يوم خصص للاحتفاء بمنجزاته.

مفهوم المواطنة ليس شعارات أو هتافات فهو مفهوم له أبعاد عميقة، هو انتماء وخدمة مجتمع ومشاركة في البناء تحتاج لممارسات سلوكية على أرضه طوال العام لتستحق أن تترجم في يوم الوطن إلى احتفاء.

من الجميل أن يكون ترسيخ مفهوم المواطنة وتقديم إنجاز للوطن في يومه، عن طريق مسابقات تعزز لدى الطلاب مفهوم التعاون مع الآخرين والعمل الخيري، وذلك من خلال تقديم خدمات تطوعية للبيئة المدرسية والمجتمع المحلي، كزراعة الأشجار أو إعادة تأهيل أحد المرافق أو استحداث أركان خدمية صغيرة، مع استمرار العناية بها وصيانتها، كذلك المشاركة في تقديم الخدمات للمرافق العامة في المجتمع المحلي كالمساجد والحدائق والطرقات. بمثل هذا النشاط سيتعزز لدى الطلاب مفهوم التعاون والمسؤولية الفردية تجاه المرافق العامة، وبالتالي تقل مظاهر التخريب المؤسفة التي نراها، وسينشأ طلاب أكثر فعالية في الحياة العامة.

كذلك لا ننسى أن تنمية التفكير الناقد، هي نواة حب الوطن، فبه يقدر الطلاب خيرات بلادهم، وبه يتوجهون نحو سلبياته لينتقدوها نقدا بناءً، فيشعرون بمسؤولية انتمائهم لهذا الوطن المعطاء.

لا أتكلم هنا عن مجتمع فاضل ولا وطن مثالي، أتكلم عن بشر وهبهم الله شرف خلافة الأرض وعمارتها ويسر لهم سبل ذلك. فقط ما علينا إلا رفع الوعي والانتماء لهذا الوطن؛ وطلابنا هم نواة هذا الوعي وفي أعمارهم يغرس هذا الانتماء.