تشير كلمة القرابة إلى روابط تاريخية وراثية تربط بين مجموعات مختلفة من البشر، وهناك العديد من الروابط الأخرى التي تقرب بين الناس، ومنها النسب والمصاهرة عن طريق الزواج. ولصلات القرابة في جميع الأزمان فوائد كبيرة، حيث كانت بكل العصور جدار حماية وأمان، وترابط وإخاء ومحبة، فهي نسيج مجتمعي متكامل تتكون منه العوائل والقبائل والقرى والمدن. وكان من أعظم الأمثال في حماية القريب، ما فعله أبوطالب (عم أعظم البشر عليه الصلاة والسلام) للرسول الأمين، من صد لشر الأعداء وتغطرس الأقرباء.

بما أن الإسلام دين الرحمة، فقد كان لصلة الرحم نصيب كبير من الأهمية في هذا الدين العظيم. وقد اختلف الفقهاء في تعريف صلة الرحم، وهل المقصود بها جميع الأقارب؟ أم هم ذوو الميراث، أو المحارم من الأقارب فقط؟ وصلة الرحم هي صفة إنسانية قبل أن تكون دينية، ولكن من الملاحظ اهتزاز معالمها بالعقود السابقة، لأسباب عدة وقد تكون أبرزها:

1 - الحسد والغيرة بين الأقارب.

2 - الاستغلال لعلاقات القرابة والرحم، وتوقع أن تصبح علاقة كفالة وليس قرابة.

3 - الطمع والجشع ومحاولة تحقيق المكاسب من الأقارب.

فالمتوقع أن يكون الأقرباء سندا لبعضهم بالفرح والحزن و(دون) ظلم الآخرين. ويجب الإحسان والتقرب والتودد إلى كل قريب وصلة الرحم وعدم انتظار أو توقع الشكر. لا يجرفك بعض النوعيات من الأرحام والأنساب وأبناء العم، بل كن إيجابيا معطاء قدر الإمكان، ولا تحزن إن وجدت بعض الأقارب يتمايلون كـ(العقارب)، وينتظرون الفرصة المناسبة لبث سمومهم القاتلة في كل زمان ومكان، فهذا ليس بجديد، فكما كان أبوطالب يصد الأذى عن (سيد البشر) صلى الله عليه وسلم، كان عمه (عبدالعزى) (أبوعتبة) والشهير (بأبي لهب) مثالا للقريب المؤذي الظالم والحاسد والمتخصص، هو وزوجه في أعمال الشر والمجاهرة بالعداء.

ولو قدر الله عليك وشعرت بلسعة (قريب) من نوعية (أبي عتبة) فادعُ له بالهداية، وتسامح مع كل (تعيس) عنكبوتي، وترفع عن إساءات (حمالة الحطب)، وحلق بعيدا في سماء (الإحسان)، و«كن كالنخيل عن الأحقاد مترفعا.. يُرمى بصخر فيلقي أطيب الثمر».