دعونا نتكلم بشفافية عن اليمن وموضوع اليمن، ولنذكر الأمور بمسمياتها من خيانات وغدر وتغيير ولاءات، وللأسف عادة الشفافية لا تعجب البعض في العالم العربي.

اليمن دولة عربية شقيقة تعاني مشاكل اقتصادية واجتماعية منذ عقود، تم تصنيفها قبل الحرب من أفقر الدول العربية!. الحرب زادت الأسوأ سوءا. كانت هناك مشاكل متأصلة في السلطة، وفساد مستشرٍ وتناحر القبائل وعدم استخدام الموارد بالشكل المطلوب. الغالبية يعرف ما حدث في اليمن في السنوات الأخيرة، وكيف أن الحوثيين استولوا على الحكم قبل 5 سنوات تقريبا، ونسفوا المبادرة الخليجية التي وضعت لإنشاء نظام حكم متفق عليه بين اليمنيين. بعد عدة أشهر تدخلت دول الخليج من خلال التحالف عسكريا بعد طلب من الحكومة الشرعية، وتم استرداد عدن وتواصلت الانتصارات ووصلت إلى حوالي 80% من مساحة اليمن. أي أغلب اليمن خصوصا ما كان يسمى اليمن الجنوبي. وبعدها أصبح الحال معقدا وطال زمن الأزمة، ولم يكن هناك تجاوب من بعض ما كان يسمى اليمن الشمالي مقارنة بما حدث بما كان يسمى باليمن الجنوبي.

دائما يطرح السؤال لماذا استمرت الأزمة عدة سنوات؟ رغم أن الحوثيين عددهم في أغلب التقديرات أقل من 100 ألف.

هناك عدة أسباب:

أولا هناك ثلاث فئات من اليمنيين. اليمنيون الذين يسمون أنفسهم (مع الشرعية) وعمليا يطلق عليهم (يمنيو الفنادق)، يعيشون في فنادق الخليج، ومجهودهم لداخل اليمن شبه معدوم، بل إن تأثيرهم في الأحداث أصبح ضئيلا، وأصبحوا مبسوطين لإطالة الأزمة. الفئة الثانية، ملايين اليمنيين الذين يعملون في السعودية، وهم مستثنون من عدة أمور بسبب وضع اليمن. ودخلهم الشهري في المملكة أضعاف دخلهم في اليمن، لذلك هم سعيدون بهذه الامتيازات. وهناك فئة ثالثة، بعض جنود الشرعية الذين بدؤوا الآن يستلمون رواتبهم بانتظام وضعف ما كانوا يستلمونه أيام الجيش اليمني. كل هذه الفئات الثلاث مستفيدة من إطالة الأزمة.

ثانيا: كثير من العوائل اليمنية استخدمت نظام الثنائي، أي أن بعض أفرادها انضموا عمدا للشرعية، والبعض الآخر انضم عمدا للحوثيين، فهي مستفيدة من الجانبين وفي حالة تدهور أحد الجانبين فإنها تطلب من الجانب الآخر التدخل للنفوذ، أو العفو عن الفرد الآخر وبالمختصر (شد لي واقطع لك).

ثالثا: تجار الحروب ومستثمرو الأزمات، هناك قائمة طويلة من المستفيدين من الأزمة من خلال الإعاشة وبيع السلاح وتوظيف المقاتلين... إلخ، ومعروف عن البعض أنه يغير ولاءاته وبندقيته من جانب إلى آخر أسرع مما يغير ثيابه! فتجده مع الشرعية صباحا ويخزن مع الحوثيين ليلا.

رابعا: الأمم المتحدة، هناك فساد رهيب وتهريب للحوثيين، فساد مالي بالمساعدات من قبل موظفي الأمم المتحدة، ومعروف عالميا، إذا تدخلت الأمم المتحدة في أزمة فهي تطول لكي تدر على موظفيها المال والأعمال. هذا غير شراء الذمم من الحوثيين ومن بعض الموظفين، حتى تم استخدام سيارات الأمم المتحدة من قبل الحوثيين للتنقل ولحمايتهم من الضربات.

خامسا: الدول الغربية، كلما اقترب الحسم حاولت التأخير وتمطيط الأزمة للابتزاز وملفات أخرى، وما الحديدة عنا ببعيد.

سادسا: تهريب السلاح والصواريخ والدرون والخبراء من إيران، سواء عن طريق البحر أو البر، وتواطؤ بعض المنظمات والدول.

هل هناك أخطاء ارتكبت من التحالف؟ نعم، ولا توجد حرب في التاريخ دون أخطاء، ولكن متأكد أنه ستكون هناك مراجعة لما عمل وما كان يجب أن يعمل.

هل للمملكة فائدة من التدخل في اليمن، نعم هناك فائدة للمملكة ألا يكون في خاصرتها الجنوبية حزب الله جديد تابع لإيران قد يؤثر في الأمن الوطني السعودي والاستقرار الاقتصادي. كنا مؤيدين لشن التحالف الحرب على الحوثيين، والآن أصبحنا أكثر تأييدا، لكن على الحكومة الشرعية وعلى اليمنيين أن يدركوا أن المستفيد الأول لرجوع اليمن هم أنفسهم! لذلك يجب أن يعملوا بجد وإخلاص على ذلك. نرجع لمقولة كارين سالمانسوهن «لا تستطيع أن تساعد أحدا إذا لم يكن يريد مساعدة نفسه، أساسا، لا يمكنك أن تريد لشخص ما أكثر مما يريد لنفسه». السعودية والتحالف في اليمن للمساعدة وليس لكي تتحمل كليا إرجاع الجزء اليمني الشمالي المنهوب من إيران، ساعدوا أنفسكم أيها اليمنيون كي يساعدكم بقية العالم.

السؤال الملح ما الذي يفضل عمله حاليا في النقاط الست التي أطالت الحرب؟

الإجابة تتلخص بالتالي، بخصوص النقطة الأولى هو تغيير الإستراتيجية من الدعم غير الموجه إلى إستراتيجية (الدعم على الأداء)، ليس من المنطقي أن تعطي راتب جنود لواء يتقدم كل يوم عدة كيلومترات، كما تعطي جنود لواء لم يتقدم أفراده أمتارا منذ سنوات، لا يستوي الذين يعملون ويقاتلون والذين لا يعملون.

ثانيا الحرب أثبتت خطأ نظرية أن القبيلة في اليمن محصنة، الحوثيون باستمرار يقومون بقتل وسحل بعض المشايخ ولا أحد من القبائل يهتم، لذلك يجب وضع اختيار للقبائل اليمنية، إما الشرعية أو الحوثي و(حركة الثنائي) لا تجدي! ومن يختار الحوثيين عليه أن يدفع الثمن، لا يمكن لأفراد قبيلته العمل في السعودية أو الخليج، أو تلقي مساعدات، لأن الحوثي مصنف كمنظمة إرهابية، وهذا يعتبر تمويلا للإرهاب.

تجار الحروب عليهم أن يختاروا أو تقطع عنهم العقود، واستثماراتهم الخارجية بتهمة تمويل الإرهاب الحوثي. أما بخصوص الأمم المتحدة، ما زلنا نرى أنهم يعبثون بالمساعدات، لذلك نرى تعيين سياسيين مخضرمين، يديرون مركز الإغاثة الإنسانية، يعرفون بألاعيب السياسة ودهاليزها، لكي يتعاملوا باحتراف مع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، ومع كامل الاحترام لموظفي مركز الإغاثة الحاليين لدينا، إلا أن أغلبهم لا يملك الخبرة في التعامل مع السياسة والابتزاز والإعلام التي تتبناها المنظمات الدولية.

نؤيد بشكل كامل أن تكون الشرعية هي الغطاء والمظلة لأي جماعة جنوبية أو غيرها، هذا لا يعني أن الشرعية كاملة، وليس لديها أخطاء، لكن خطر الخروج عليها أكبر من أخطائها الكثيرة، ومن لا يرضيه بعض تصرفات الشرعية، فهناك التحالف كمرجع محايد لحل الخلافات وتعديل الأخطاء.

محاكمة الخونة وعقابهم بشدة، لكي يعرف الخائن أن ثمن تغيير البندقية من كتف إلى آخر باهظ. تغيير الدماء وكراسي بعض المسؤولين بناء على الأداء والنتائج.

إنشاء ذراع إعلامي من محترفي الإعلام الدوليين، لشرح أزمة اليمن والحقائق للجميع والرد على التساؤلات والادعاءات، وترك المؤتمرات الصحفية المعلبة، فالواقع يقول إن كثيرا ممن تناقشه في الإعلام الدولي لا يملك صورة واضحة، نريد خلية إعلامية نشطة دولية، تتحدث للآخر بعقليته وبفكره وليس ترجمة فقط.

الضغط المستمر على الحوثيين، عسكريا وسياسيا وماليا، وعدم إعطائهم مجالا للراحة، لأن أي اتفاق مع الحوثيين للتهدئة هو مجرد التقاط أنفاس لهم، ولا يساوي ثمن الورق الذي كتب به بالنسبة لهم، هم تعودوا وتشربوا الخيانة ونقض العهد من النظام الإيراني.