كل يوم ومع شروق الشمس يذهب إلى عمله ومصدر رزقه، و من أواخر ما يفكر فيه هو العائد المادي لمجهوده طوال الشهر، فما يشغل باله أكبر من ذلك وأعظم بل وأسمى، ففكره مشغول دائما بأثر ذلك المجهود على من يبذل لهم عطاءه ويأخذون جل وقته.

فهو في تجهيز مستمر واطلاع دائم على كل جديد ليصبح من يعلمهم في أرقى المراتب وأسماها.

لا ينحصر انشغاله في مقر عمله كبقية الموظفين، فهو مستمر الانشغال بتطوير من تحت رعايته فكريا وتربويا وتعليميا.

ذلك هو المعلم الذي يستحق منا في يوم الاحتفاء به قبلة فوق الجبين.

شكرا شكرا لكل معلم مخلص، وشكرا شكرا لكل معلم جعل مراقبة الله نصب عينيه في عمله، وشكرا شكرا لكل معلم مجتهد، وشكرا شكرا لكل معلم ترك أثرا طيبا في نفوس طلابه، وشكرا شكرا لكل معلم غرس الخير في سلوك طلابه، شكرا شكرا لكل معلم استشعر مسؤولية وجوده مع طلابه يوميا، فربى قبل أن يعلم، وشكرا شكرا لكل معلم جعل من نفسه مربيا قبل أن يكون معلما، وشكرا شكرا لكل معلم عامل طلابه كأبنائه، وشكرا شكرا لكل معلم أحب طلابه فقدم لهم العلم على طبق من المحبة، وشكرا شكرا لكل معلم استبدل سلوكا سيئا من طلابه بآخر حسن وعمل جاهدا على ممارستهم له، وشكرا شكرا لكل معلم أخذ من وقته ومن وقت أسرته ليرتقي بطلابه، وشكرا شكرا لكل معلم أشغل فكره بمعرفة كل جديد ليثري طلابه ويرتقي بعلومهم، وشكرا شكرا لكل معلم دفع من ماله الخاص ليأتي لطلابه بوسيلة تجذبهم أو تطبيق يأخذهم إلى عالم الغد، وشكرا شكرا لكل معلم قبل من طلابه تفكيرا ناقدا وعلمهم آدابه وفنونه ليكتسبوا به حرية الفكر والثقة بالنفس، وشكرا شكرا لكل معلم جعل قيمة الولاء والانتماء للوطن من أولوياته، شكرا شكرا لكل معلم كان جدارا منيعا بين طلابه وأعداء الوطن، وشكرا لكل معلم يعي دوره الجوهري في تحقيق رؤية الوطن من خلال طلابه، وشكرا شكرا لكل معلم له بصمة واضحة في حب الوطن.

عن أبي أمامة الباهلي قال: (ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان: أحدهما عابد، والآخر عالم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير).

فهنيئا لكل معلم كل هذه الدعوات في السماوات والأرض والبحر، وهنيئا لنا ولأبنائنا وللوطن أمثالك أيها المعلم المختلف، أيها المعلم القدوة.

ولك منا قبلة فوق الجبين.