أقام النادي الأدبي بالرياض أمسية وفائية لرمز من رموز الوطن، وهو الدكتور عبدالعزيز السبيِّل الذي بصم في محطات الوطن عدة توقّفات شهد بها كل من عاش معه عن قرب أو تعامل مع نتاجه الفكري وعطائه الثقافي خلال مسيرة امتدت سنوات طويلة، اختصرها الدكتور أحمد الطامي زميل دراسته بكلمات أتحف بها الحضور وبعثر من خلالها أوراقا لم تقرأ من قبل في حياة الدكتور السبَّيل.

كانت ليلة مختلفة في حضورها المميز ولَفتة أن جاء التكريم في زهرة ونضارة حياة المحُتفى به -مّتعَّه الله بالعافية- على غير المعتاد، وهو أن يحُتفل بالراحلين، أما النادي الأدبي فقد كرم السبَّيل وهو -ولله الحمد- يَبتْسُم مع أسرته ومحبيه، أطال الله عمره، وأتمنى أن يكون ديدن التكريم في حياة الكبار والمبدُعْين وأصحاب العطاءات المضيئة في خدمة مليكهم ووطنهم.

أما كيف هي ليلة التكريم إن ازدانت بالفيصل أمير الرياض الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز صاحب الكلمات المعنونة للأحداث حسب مكانتها وحكمها، إذ إن حضوره كان إضافة مختلفة لأي احتفال، فكان يتوقف عند كل كلمة قيلت في المناسبة ويلمح بثقافته على تاريخ الدكتور السبيل في حديث أخوي باسم لإشعار المكرم أن الليلة مختلفة في الرياض، ويكفي أن سموه أعطى الإذن للنادي بالمباركة والحضور ليؤكد أن القيادة لن تنسى عطاءات الرجال المخلصين، وأنها مع أبنائها تربية وحياة ورحلة حياة لتقطف ثمرة الإخلاص في مثل هذا الاستعراض الرائع الذي قدم على مسرح قاعة الملك فيصل للمؤتمرات بالرياض.

أما عن كلمات التكريم الثلاث مذيعا ورفيق درب وحديث السبيل الأديب والكاتب والمؤلف ورجل الدولة في مواقع متعددة فقد جاء سياقُها أيضاً مختلفاً فقد شهدنا فيلماً استعرض حياة الدكتور السبيل من البكيرية إلى انتقاله مع والده عندما اختير إماماً للحرم وتأثره بأدبه وبلاغته وتوجيهه، حتى رأينا أن المحتُفى به قد انضم للتحصيل العالي في جامعة الملك عبدالعزيز فرع مكة المكرمة ليتفاجأ الحضور بأن يستمعوا إليه مذيعا في إذاعة جدة في أواخر التسعينات الهجرية ليسافر بعدها للدراسة في الولايات المتحدة الأميركية ويتخرج ليعود إلى وطنه أستاذا للثقافة والأدب في الجامعة حتى حان وقت رحيله إلى وزارة الثقافة والإعلام في عهد الوزير إياد بن أمين مدني وكيلا للثقافة، ثم انتقل إلى أمانة جائزة الملك فيصل أمينا عاما خلال أربع سنوات حتى يصدر الأمر الملكي باختياره رئيسا لمجلس أمناء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، إضافة إلى عمله في الجائزة.

إنه سجل حافل بالعطاء الثقافي حاول النادي الأدبي بالرياض حصر ملفاّت الشخصية المحتفى بها تلك الليلة وأبدع المنظمون في النادي على أن يخرج هذا الاحتفاء بشكل مغُاير لما سبقه من تكريم بقيادة رئيس النادي الدكتور صالح المحمود الذي اختصر المشهد بكلمات أدبّية موجزة وعبارات أنيقة لافته أتمنى أن تكون قاعدة تستفيد منها القطاعات والجامعات الحكومية ومثيلاتها بإخراج مختلف عن الرتابة المعهودة في الاحتفال بالرجال المخلصين لوطنه.

دمت يا وطني بخير.