لفت انتباهي كثيرا وقديما في بيئتنا السعودية قولنا في سياقات كثيرة جملة (خدمة الدين «ثم» الوطن)، وهذا بسبب تربيتنا المؤدلجة وثقافتنا الإسلاموية، حيث بتنا نكررها بعفوية. ولكن لو تأملنا منشأ هذا الترتيب لوجدناه بسبب تأثير الفكر الإسلاموي «الأممي» الذي قدم الأمة على الوطن، ولو كان الوطن عربيا وإسلاميا وحتى بلاد الحرمين الشريفين، وهي ضمن تأثيرات الصحوة التي جاءت من أدلجة جماعة الإخوان المصرية.

والصحيح أن نركز على الوطن (السعودي) أولا ثم القومية (العربية) ثانيا ثم الدين (الإسلامي) ثالثا، مع أن الفكر «الأممي» الذي أراد اختطاف الولاءات الوطنية لصالح مشاريعه الدولية «المؤدلجة» يناقض نفسه حينما يكون في وطن هو يحكمه كما هو في تركيا وماليزيا، وحتى في مصر إبان سنة حكم الإخوان.

والحق أن الولاء للوطن أولاً حتى لو لم يكن بلاد الحرمين أو غير عربي أو حتى غير إسلامي، و«لا تعارض بين ذلك وبين الدين»، سواء من ناحية العقيدة أو الشريعة، فضلا عن القانون الذي يجب احترامه في جميع الدول، والذي لا يَحرم الأفراد من حقوقهم الدينية.


وعليه فلنكن واثقين من أنفسنا وحقنا في الولاء لأوطاننا دون خشية من المزايدات، ومن ليس خادما لوطنه أولا فلن يكون خادما لدينه، والأقربون أولى بالمعروف حتى في مصارف الزكاة، ناهيك عن (حب الوطن) و(الحنين للوطن) و(فطرة الوطنية)، وهي عناوين 3 مقالات سابقة هنا.