مرت في الثالث من ربيع الآخر لعام 1441 للهجرة ذكرى البيعة الخامسة لمولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، لتوليه مقاليد الحكم في بلادنا العزيزة، ونبتهل إلى الله -العلي القدير- أن يوفق إمامنا لكل خير، وأن يمدّ في عمره.

مولاي خادم الحرمين الشريفين، من أين أبدأ في سرد إنجازاتك، وكيف لي أن أحصرها؟، الأكيد أنني لن أستطيع أن أذكرها جميعا لكثرتها وتنوعها، وأنت يا سيدي حقٌّ على التاريخ أن يخلّد ويسطر إنجازاتك وأمجادك السابقة وطموحاتك المستقبلية، بحروف على متن السطور تملأ الصفحات بل تملأ المجلدات، ليوثقها التاريخ للأجيال اللاحقة.

مولاي هل أبدأ بفترة حكمك لعشقك الأبدي للرياض، والتي ستنفذ معها الحروف والكلمات دون أن نحصيها، وأعلم أنني لن أستطيع في ذلك لضخامة المنجزات وكثرتها؟، أم هل أبدأ بسرد القصص والمشاهد الإنسانية والأخوية والوفاء الذي لا مثيل له في زمننا هذا، خلال حرصك على التكاتف والتعاضد والملازمة للملك فهد بن عبدالعزيز، والأمير سلطان بن عبدالعزيز، وبعد ذلك الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمهم الله؟، فقد سطرتَ -خلال ذلك- المحبة الصادقة والوفاء وأسمى معاني الأخوة في أبهى صورها، لا يقدر عليها ولا يتحملها إلا نوادر الرجال أمثالكم، تعلّمتم ذلك على يد رجلٍ قل الزمان أن يجود بأمثاله، مدرسة في الخصال الحميدة والآراء السديدة، إنه الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- وجزاه الله خير الجزاء على ما قدمه لأمته ووطنه. تعلّم الجميع منكم، ممن كان لهم شرف القرب في العمل معكم، الحرص كل الحرص على أهمية الوقت والنظام والتنظيم والاحترافية في إدارة الأمور، والنظرة السديدة لاستشراف المستقبل، انبثقت خلالها حنكة سياسية ونهضة اقتصادية وعمرانية لبناء الوطن وتعزيز قيمة المواطن، ويتجلى ذلك في رؤية المملكة 2030 التي يشرف عليها بتوجيه منكم يا مولاي، سمو سيدي ولي العهد الأمين، لمتابعة تنفيذ الخطط والبرامج التي رسمت لتحقق التكامل لوطن يحق لنا أن نفخر به وبقيادتنا. ما نعيشه اليوم من حاضر يزخر بمنجزات عظيمة وتناغم فريد، دليل على إيمانكم المطلق للرقي بالوطن والمواطن. مولاي، أنتم من يصنع الحدث ويبحث عن كل فرصة تضع مملكتنا الغالية في مصاف الدول المتقدمة والمجتمعات المثالية، في عهدكم المجيد مكّنتم المرأة ووضعتموها في المكان الذي يليق بها، كيف لا وهي نصف المجتمع الذي تسمو بها الحياة.

في عهدكم الزاهر، رأينا الترفيه وعشناه على أرض الواقع، رأينا مملكتنا الغالية مقصدا للزائرين، للاطلاع على ما هو حديث، فهنيئا لنا بك يا مولاي، وهنيئا لنا بولي عهد شاب طموح وثّاب.

اليوم، نحن نقطف ثمار التعليم والتثقيف والتأهيل لعشرات الألوف من خريجي برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، ليسهموا في بناء أغلى وطن، وفق رؤيتكم وتطلعاتكم.

في عهدكم الميمون، رأينا التحديث والتجديد في أجهزة الدولة، وتمكين الشباب لمواصلة تنفيذ المشروعات التنموية العملاقة في أنحاء المملكة كافة، لتحقق الرفاهية وتصنع جودة الحياة للمواطن والمقيم، إيمانا منكم بأن الوطن لا يبنى إلا بسواعد أبنائه.

رغم احتدام الأحداث والصراعات التي تجتاح المنطقة، بقيت مملكتنا آمنة مطمئنة بتوفيق الله -عزّ وجلّ- أولا، ثم بحنكة ودهاء وحكمة قيادتنا الرشيدة التي بقيت سدا منيعا لتجنيب المملكة كل شر.

ذكرى البيعة، هي مناسبة تاريخية عزيزة لقائد عظيم، نذر نفسة لخدمة دينه ووطنه وأبناء شعبه، والأمتين العربية والإسلامية.