مع ذروة الاهتمام بالاقتصاد الرقمي نشأت العملات الرقمية، أو العملات الافتراضية، واستحوذت على اهتمام كثير من الناس في أنحاء العالم كافة، وحققت رواجا كبيرا عدّه البعض آنذاك بداية فقاعة جديدة، وهذا ما حصل فعلا، فقد جاء انفجار هذه الفقاعة في الأرقام المعلنة بشكل ملفت للنظر، فقد فقدت هذه العملات الافتراضية في أوج الفقاعة منذ بداية عام 2018 الماضي أكثر من 600 مليار دولار أميركي من قيمتها التي كانت عليها مع نهاية عام 2017، وهو انخفاض كبير خلق نوعا من التحفظ على هذه العملات في الأسواق العالمية، محذِّرين المستثمرين من تبعات هذه الفقاعة الجديدة.

وليست الفقاعة، بهذا المفهوم، بدعا في الساحة الاقتصادية عموما حتى قبل نشوء الاقتصاد الرقمي، فالفقاعة العقارية الشهيرة ما زالت تمثل درسا للخلل عندما تضطرب آلية السوق وتسود ظروف غير طبيعية تضع تأثيرا ضاغطا على توازن العرض والطلب في سياق المفهوم الاقتصادي الرأسمالي.

لكن المتابع للشأن الاقتصادي الحالي والتغيرات التي فرضتها تقنيات التواصل الإلكتروني الحديثة، جعلت بعض الاقتصاديين يفرعون نواقيس الخطر من حِدَّة بعض الآثار التي يمكن أن تطال الاقتصادات المحلية والعالمية جراء الخروج عن النمط التقليدي لمسارات الاقتصادات، والتي شُكِّلت على أساسها قواعد التعامل التجاري المحلي أو البيني، وذلك هو مفتاح لعبة الاقتصاد الجديد الذي تكاد تُرسم معالمه في إطار ما يُعرف حاليا بالاقتصاد الرقمي، وهو الذي يبدو أنه يضع ملامح مستقبل تطمح كل الدول إلى التعامل معه في سياق سباق اقتصادي محموم يحاول كسر قواعد لعبة الاقتصاد التقليدية التي لم تعد صالحة لجيل نهض، رافضا فكرا تقليديا ساد لحقبة زمنية طويلة لم تعد قابلة أو صالحة للبقاء.

ترى ماذا يواجه الاقتصاد الرقمي في ضوء هذا التحول الفكري الجامِح، الذي لم يعد قابلا بالاقتصاد التقليدي الذي قيده بنظريات لم يعد ينظر إليها إلا في إطار سياق تطور الفكر الاقتصادي المطالب حاليا بالتعامل مع التغيرات التقنية الجديدة، التي لم تكتف بأن تحوِّل العالم إلى قرية صغيرة، بل إلى عالم افتراضي يمكنك أن تؤثر فيه من هاتفك النقَّال. هذا التغير الفكري هو الذي يمكنه أن يجيب عن سؤال كهذا، وإن كانت الإجابة تميل لمصلحة اقتصاد رقمي جديد لن تحدّ من طموحه فقاعة أو أكثر.