منذ أيام قليلة مضت، اختتم منتدى المحاسبين السعودي الأول أعماله، والذي نظمته الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين، وسط حضور كبير ولافت لقيادات وخبراء من قطاعات مختلفة.

ولأهمية المنتدى، فقد حظي بحضور عدد من الوزراء والمسؤولين، إضافة إلى مشاركة نخبة مميزة من المختصين والمهتمين بالمهنة على الصعيدين المحلي والدولي، مما يؤكد اهتمام المملكة وحرصها على مواكبة تطور مهنة المحاسبة والمراجعة، وذلك لتدعيم مقومات الاقتصاد الوطني، وجذب مزيد من الاستثمارات بمختلف أنواعها. بحثت جلسات المنتدى المستجدات والتحديات التي تواجه مهنة المحاسبة وكل ما هو مرتبط بها، وذلك بمشاركة نحو 47 متحدثا وخبيرا محليا ودوليا، أسهموا في إثراء ساحة النقاش بصورة علمية، تناولوا فرص الاستثمار وطموحات المستقبل، وكل ما يخص مهنة المحاسبة والمراجعة وكيفية قيامها بدور داعم ومساند في جذب الاستثمار والمستثمرين، وذلك لأهمية توفر المعلومات المالية لهم، والتي تمتاز بالشفافية العالية، لما لهذه المعلومات من دور كبير ومؤثر في تعزيز بيئة الاستثمار ودقة اتخاذ القرار.

وقد تمت مناقشة التحديات المتعلقة بحاضر ومستقبل مهنة المحاسبة والتفكير في كيفية مواجهتها، فعلى سبيل المثال: كيف ستؤثر ثورة المعلومات الرقمية على مهنة المحاسبة؟ وهل ستنتهي المهنة كنتيجة للتطور التقني؟

فضلا عن ذلك، فقد تناول المنتدى نماذج لأحدث التجارب العالمية في مجال المحاسبة والمراجعة وفقا للمعايير الدولية، بجانب تسليطه الضوء على مشروع التحوّل للمحاسبة المبنية على أسس الاستحقاق، التي تعزز بقوة أهداف الشفافية ضمن برنامج تحسين المحاسبة الحكومية، وتمت تغطية جوانب كثيرة ومهمة لا يتسع المقام لذكرها.

بصورة عامة، يعتبر المنتدى حلقة وصل لما شهده من مشاركة واسعة، من جانب الجهات والأطراف ذات العلاقة، منها وزارة العمل، وذلك بحكم اهتمامها بتوطين الوظائف، ووزارة التجارة والاستثمار لدورها الكبير في توفير بيئة الاستثمار، والهيئة السعودية للمحاسبين كجهة منظمة للمهنة، وهيئة سوق المال بجانب وزارة التعليم لأهمية مخرجات التعليم لسوق العمل. هذا بالإضافة إلى مشاركة عدة جامعات.

ومن الأهمية بمكان أن يتم التواصل بشكل دائم لدعم استمرارية هذا التنسيق العالي بين الجهات المذكورة أعلاه، للوصول إلى مخرجات واضحة وملموسة تخدم المهنة والعاملين فيها والمستفيدين من خدماتها.

من جانب آخر، فقد مثّل المنتدى فرصة لإبراز دور مكاتب المحاسبة في النهوض بمهنة المحاسبة والمراجعة، حيث تم توقيع عدة اتفاقيات من شأنها أن تسهم في النهوض بهذا القطاع، وذلك استكمالا لما تم توقيعه سابقا مع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية لدعم توطين مهنة المحاسبة في المملكة.

وما أود تأكيده: أن المنتدى أظهر المملكة كخلية عمل متواصلة في جميع الميادين والقطاعات والتي منها مهنة المحاسبة ذات الأهمية القصوى، وذلك انطلاقا من كونها تضطلع بدور كبير ومساند في تحقيق مبادرات ومستهدفات رؤية المملكة 2030 كواحدة من أهم الممكنات الاقتصادية.

خالص الشكر للهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين على تنظيم المؤتمر، وأتمنى أن يكون نواة لمبادرات عديدة تخدم المهنة، وآمل تكراره بشكل دوري. كما أوجه رسالة لكل منتمٍ إلى هذه المهنة أو مقبل عليها، بأن يؤمن بأهمية المهنة ومستقبلها الزاهر ودورها الفاعل .