البطالة من الظواهر الاقتصادية التي بدأ ظهورها مع ازدهار الاقتصاد والصناعة، إذ لم يكن للبطالة معنى في المجتمعات الريفية التقليدية. والعاطل هو كل شخص قادر على العمل وراغب فيه، ويبحث عنه ولكن لا يجده. من خلال هذا التعريف، يتضح أنه ليس كل من لا يعمل عاطلا، فالتلاميذ والمعاقون والمسنون والمتقاعدون ومن فقد الأمل في العثور على عمل، وأصحاب العمل المؤقت ومن هم في غنى عن العمل، لا يعدون عاطلين عن العمل. ويتم احتساب نسب البطالة في المجتمعات بقسمة عدد العاطلين عن العمل على عدد العاملين مضروبا بمئة. وللبطالة أسباب معروفة على مستوى العالم، منها الانفجار السكاني وبطء النمو الاقتصادي، والخلل القائم بين سياسات التعليم واحتياجات التنمية وسوق العمل، ولعل هذا السبب هو الأكثر تأثيرا لدينا في زيادة عدد الخريجين غير القادرين على الحصول على فرص عمل، كما أن سياسة تعيين الخريجين الذين لا يحتاجهم سوق العمل قد تشكل عبئا اقتصاديا واجتماعيا، ويجب ألا ننسى أن الاتجاهات السائدة والقيم قد تلعبان دورا في ظاهرة البطالة لا سيما مع قناعة الكثير بأن الوظيفة الحكومية هي الملاذ الآمن للموظف.

تبلغ جملة السعوديين الباحثين عن العمل ما يقارب المليون شخص، وذلك في إحصائية الربع الثالث من عام 2019، ويوجد عدد كبير من غير السعوديين الذين يشغلون وظائف، وبنسب تتجاوز الستين بالمائة، كما هي الحال في الوظائف الصحية ووظائف التعليم العالي والوظائف الحرفية. ويبلغ عدد الأجانب الذين يعملون على وظائف حكومية ما يقارب 50 ألف موظف وموظفة، ويبلغ عدد الأجانب الذين يعملون بالقطاع الخاص سبعة أضعاف السعوديين العاملين بنفس القطاع، كما يبلغ عدد الحاصلين على تأشيرات لممارسة أنشطة اقتصادية ما يقارب نصف مليون تأشيرة. كانت منطقة جازان تحتل مركزا متأخرا في نسب البطالة والهجرة خارج المنطقة بحثا عن فرص العمل مقارنة ببقية مناطق المملكة، ولكن ومع مبادرة التوطين التي تبنتها وتابعتها إمارة المنطقة ومكتب العمل، وجدنا تحسنا كبيرا في ملف التوطين مع الشركات والمؤسسات المشغلة للجهات الحكومية والخاصة، وما زالت فرص التوطين والتحسين مستمرة لا سيما في مجالات سوق السمك والخضروات ومحلات بيع الأغذية والتي يحتكرها الأجانب. وعلينا ألا ننسى أن الاستثمار السياحي في المنطقة قد تنتج عنه آلاف الفرص من الوظائف لاسيما وأن منطقة جازان تزخر بالعديد من المواقع السياحية الهامة، والتي لم يتم استغلالها بشكل فاعل. كذلك علينا أن نتساءل عن دور المدينة الاقتصادية والتي من المفروض توفر عشرات الآلاف من فرص العمل، وما زالت غير قادرة على القيام بهذه المهمة. كما يجب التنسيق مع الجامعة لتكون مخرجاتها وفق متطلبات التنمية بالمنطقة وسوق العمل. كذلك يجب أن يكون دور الخدمة المدنية مساندا لعملية التوطين وإحلال السعوديين الذين تم ابتعاثهم وتأهيلهم على أعلى المستويات. وأخيرا للوصول إلى الهدف المنشود من توطين الوظائف في المنطقة خصوصا والمملكة عموما، لا بد من التنسيق بين الجهات المعنية مع ضرورة التزام كل جهة بتحقيق المطلوب منها.