أغلب خطط وإدارة الأزمات موكولة للحكومات وإدارات الأزمات لديها، مع أدوار محددة لمؤسسات المجتمع المدني، إلا في حالة الأوبئة، فهناك جانب لايقل أهمية عن هذا الدور، بل إن نجاح أو فشل ـ لاسمح الله ـ دور الحكومات في مواجهة هذه الكوارث مهما كان قويا ومتقنا بيد المواطن والمقيم وذلك باتباع التعليمات والإرشادات، وهذا ما لمسناه في البداية، ولكن مع زيادة أعداد المصابين جراء المخالطة، دعت وزارة الصحة إلى التأكيد بوجوب الالتزام الكامل بتعليمات حظر التجول، وأن وعي المواطنين والمقيمين سيؤثر بشكل كبيرفي زيادة عدد الإصابات لتهاون البعض في الالتزام بالإجراءات التي فرضتها الحكومة للتعامل مع فيروس كورونا‬⁩ الجديد. كما أشار وزير الصحة إلى 4 دراسات قام عليها خبراء سعوديون ودوليون، توقعت أن تتراوح أعداد الإصابات خلال الأسابيع القليلة القادمة ما بين 10 آلاف إصابة إلى 200 ألف إصابة.

إن هولاء القلة يقوضون جهود الحكومة وإستراتيجيتها في التعامل مع هذه الجائحة، ويلحقون الضرر ببقية المواطنين الملتزمين بالحظر، بل ويخالفون الكتاب والسنة، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}. وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: [لا يُورد مُمرِض على مُصِح]. ولكوننا جميعا على هذا المركب والذي يحسدنا عليه الكثيرون، يجب أن نستشعر مسؤوليتنا، ولا نسمح لأحد أن يعبث بالمركب، وأن نتعاون مع رجال الأمن بالإبلاغ الفوري عن أي تجاوزات أو تجمعات في الاستراحات أو المنازل، فكلنا مسؤول.

تكثيف وسائل التوعية في الإعلام التقليدي التلفزيوني وتنويعها، أمر مهم، فكلنا مسؤول، وكذلك وسائل الإعلام الجديد والتواصل الاجتماعي، والاستفادة من بعض مشاهيرها الجادين المؤثرين بعد تحديد الخطة لهم لإنتاج ما يلائم المرحلة، وهنا أشيد بأحد رواد التمثيل السعودي في الزمن الجميل، شاهدت له مقطعا قصيرا أو ما يسمى اسكتش غنائي يحث على البقاء في المنازل ويحذر من الخروج منها، فكلنا مسؤول.

أما الأخوة المقيمين وخصوصا العمالة، لجهلهم أواستخفافهم بالأمر، أو ما تفرضه عليهم بيئة المجمعات السكنية الخاصة مثل عمال شركات المقاولات الكبيرة وشركات النظافة وعمال التشغيل والصيانة من تكدس أعداد كبيرة في مساحات محدودة مفتقدة لوسائل السلامة البيئية، ووجودهم داخل الأسوار، ما يجعل الأمور خارج السيطرة، مالم تتخذ إجراءات صارمة لتوزيعهم والحد من تجولهم، فكلنا مسؤول.

ويمكن تعميم ماقامت به المنطقة الشرقية بحكم وجود أعداد كبيرة من المنشآت الصناعية، بالاستفادة من المدارس كإسكان مؤقت لعمال تلك المصانع والشركات، على بقية محافظات ومدن المملكة وخصوصا الكبرى.

ثم أين دور وجهود البعثات الدبلوماسية في المملكة من سفارات وقنصليات وخصوصا من غير المتحدثين للغة العربية، في هذه الحملات ولو من الجانب التوعوي لرعاياهم، بل وحضور مندوبيهم المؤتمر الإعلامي اليومي لمعرفة التفاصيل والتطورات أولا بأول ونقلها لجالياتهم ليعيشوا في قلب الحدث ويتفاعلوا معه، وإشعارهم بأنهم جزء مهم في جهود مواجهة كورونا لحماية أنفسهم وحماية هذا الوطن المعطاء للبقاء فيه، إذ فضل أغلب مواطني أوروبا وأمريكا البقاء في مملكة الإنسانية على العودة لبلدانهم، لما وجدوه من رعاية صحية وتوفر الأمان وجميع الاحتاجات التموينية والعلاجية، مما لن يجدوه في دولهم. وأجزم أن هذه الفئة المستهدفة بمن فيهم مخالفو نظام الحدود والإقامة، احرص على البقاء في مملكة الخير. لم لا تمنح شركات الاتصالات شرائح مجانية للرسائل النصية الداخلية فقط لهذه البعثات الدبلوماسية؟.

أكرر شكري واعتزازي بما يقوم به فريق القيادة والتحكم لإدارة أزمة فيروس كورونا المستجد، من جهود تذكر فتشكر، وقد تكون جل هذه النقاط إن لم تكن كلها قد أُخذت في الحسبان. كلنا مسؤول.