كوني من محبي السفر الذي يعد رحلة من التجارب والمواقف والذكريات، فهناك موقف يتكرر في زيارة أي بلد جديد، «أنت من وين؟»، وعند الإجابة غالبا ما يتبع ذلك عدة أسئلة تدور حول محاور محدودة «قيادة المرأة، السينما، حقوق الإنسان... إلخ»، اليوم، محتوى هذا الحوار اختلف تماما.

ناهيك عن التغيرات العظيمة في السعودية على المستوى الاقتصادي، الثقافي، الترفيهي، الرياضي والاجتماعي، والتي كان لها دور كبير في اختلاف محتوى الحوار، سأتحدث هنا عن جانب تقني وآخر إنساني.

تقنيا، شدّني ما شاهدته في رسالة بثها مدير مركز المعلومات الوطني الدكتور عصام الوقيت عبر البث المباشر لحساب الاتحاد السعودي للأمن السيبراني على تويتر بعنوان «من السعودية للعالم»، وهو يتحدث فيها باللغة الإنجليزية عن التجربة السعودية في التحول الرقمي، المملكة بذلت جهدا كبيرا في وقت قياسي لهذا التحول، مما جعلها تحتل المركز الأول عالميا فيما يتعلق بالتحول التقني والرقمي، وذلك حسب آخر تقرير صادر من البنك الدولي، وهذا بلا شك ينعكس على رفاهية المواطن وجعل الوزارات والجهات الحكومية أكثر مرونة، وبالتالي أكثر إنتاجية وأداء، إضافة إلى حصول المملكة على مراكز متقدمة على مستوى العالم فيما يتعلق بعدة جوانب، منها: القدرات التقنية وسرعة الإنترنت.

وبلا شك إن نجاح القمة الافتراضية للدول العشرين لبحث تداعيات فيروس كورونا (كوفيد-19) بإشراف سعودي، يعكس جاهزية المملكة والتطور التقني الذي نشهده، فقد عقدت مؤخرا جلسة مجلس الشورى افتراضيا، شارك فيها أكثر من 150 عضو مجلس شورى، إضافة إلى الاجتماعات التحضيرية لقمة G20 واجتماعات منظمة أوبك.

أما إنسانيا، فقد أثبتت المملكة فعلا أن «الإنسان أولا»، ففي ظل أزمة فيروس كورونا الجديد اتخذت المملكة عدة تدابير احترازية مشددة وصارمة منذ بداية الأزمة وتفشي الفيروس، لحماية المواطن والمقيم على أراضيها.

إضافة إلى أمر خادم الحرمين الشريفين القاضي بتقديم الرعاية الصحية مجانا من الدولة بالمستشفيات العامة والخاصة للمقيمين، ومخالفي أنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود، وعدم معاقبتهم بشرط الإفصاح والفحص.

أما ما يتعلق بإجلاء المواطنين السعوديين في الخارج فقد كنت على متن طائرة الخطوط السعودية في رحلتها رقم SV118 المتوجهة من مطار هيثرو في العاصمة البريطانية لندن إلى مطار الملك خالد الدولي بالرياض الأربعاء الماضي، كان الإعلان عن الرحلة في مطار هيثرو وهو شبه خالٍ، أشبه بإعلان فوز فريق كرة قدم بلقب مهم لجماهيره، تشعر برغبتك في الصراخ فرحاً بالعودة لحضن الوطن في مطار شبه خالٍ! الحديث عن تفاصيل هذه التجربة قد يأخذنا بعيدا عن تسلسل محتوى هذه المقالة، فقد كانت تفاصيلها جميلة إلى حد الدهشة، عناية واهتمام بسلامة كل مواطن من صعود الطائرة وحتى وصوله سالما إلى غرفته أو جناحه في أحد الفنادق الخمس نجوم بمتابعة صحية كاملة، وتوفير جميع الوجبات وكذلك الخدمات الفندقية المتكاملة.

وقد كان لأمر مولاي خادم الحرمين الشريفين بتخصيص رحلات لإجلاء المواطنين والمواطنات الراغبين في العودة، رغم استمرار تعليق الأجواء الدولية بالغ الأثر على مشاعرهم ومشاعر أهاليهم، وبالتالي تصدير هذه المشاعر لأصدقاء أو أساتذة أو زملاء أجانب في بلاد الغربة، مما جعل بلادنا مضرب مثل لديهم باهتمامها برعاياها بالداخل والخارج.

أخيرا، يختلف محتوى الحوار المذكور في أول المقالة بحسب نوع رحلة السفر تلك، ففي رحلات العمل يكون المحاور في معظم الأحيان أكثر وعيا واستدراكا، أما في الرحلات السياحية التي قد تصادف فيها جاهلا أو مؤدلجا، فلا تعجبه ريادة المملكة اليوم في مجالات متنوعة، ودام عز بلادي.