يترامى لذاك العابر على طرقات وشوارع المملكة كثير من اللوحات الطرقية التي تشير إلى أسماء قرى وشوارع، تبدو غير مألوفة ربما إلا لأهلها الذين اعتادوها، أو حتى تذمروا منها وطالبوا بتغييرها بعد أن طالتها تعليقات الآخرين غير المبررة، والمستغربة أو المستهجنة، أو حتى التي اتخذت من بعض المسميات فرصة للتندر.

مبررات

ترتبط الأسماء غير المألوفة لعدد من القرى أو الشوارع بحوادث تاريخية من حروب أو حوادث مأساوية كالأوبئة والأمراض وغيرها، أو حتى بأشخاص لهم شأن فيها.

وشهدت السنوات الأخيرة تعديل مسميات مواقع كثيرة، بطلبات من أهاليها، أو من بعض الجهات الحكومية.

ويرتبط تغيير المسمى بتأثيرات وامتدادات عدة، فقد يؤدي تعديل الاسم إلى إعادة مناقصات واعتمادات مشاريع حكومية كانت قد رُسيت أو اعتمدت، يضطرها التغيير لإعادة المناقصة والاعتماد لمراعاة الاسم الجديد.

يقول المؤرخ سعد الكاموخ لـ«الوطن» «لكل الأسماء الخاصة بالقرى أو الشوارع مدلولات لغوية أو تأريخية أو حضارية أو غيرها، وبالتالي يجب عدم التأثر بادعاء غرابتها، إلا إن كان الاسم يشير إلى شيء مخالف للمألوف أو الشرع».

اختصاص

يقول عضو المجلس البلدي في محافظة تنومة محمد عبدالرحمن آل فرحان الشهري لـ«الوطن» «تغيير مسميات القرى من اختصاص البلدية، وللمجلس البلدي حق الاعتراض أو التأييد في تغيير تلك المسميات».

وأضاف «سبق أن اجتمع المجلس المحلي والبلدي لمناقشة أمر إعادة المسميات القديمة للأحياء والطرق، لكن للأسف لم يُبت في الموضوع، واتخذ المجلسان قرارا يمكن وصفه بـ«الرمادي» بحيث يكتب على اللوحات مسمى الحي المُحدث وتحته أسماء القرى القديمة التي يضمها الحي».

تنومة

تنتشر في مناطق عسير، أسماء تبدو للعابر غير مألوفة، مثل قرية: آل علبة، والقذال، والخَرْبه، وظرفان، وقد يكون الأغرب قرية تسمى آل منغمش في شعف محافظة تنومة.

كما توجد قرية في جبل منعا تسمى آل سيارة، ومن هذه المسميات ما هو نسبة لجبل قريب من تلك القرى، أو لاسم شخصيات قديمة جداً ربما عاشت فيها، ولا يعلم السبب وراء مثل هذه المسميات التي درج الناس على معرفة الأماكن والقبائل من خلالها.

النماص

في شمال محافظة النماص، وفي مركز بني عمرو، تنتشر قرى تحمل أسماء مثل: قفعه، الكنهبلة، وآل حسيكه، وفي جنوب المحافظة تحمل قرية اسم «آل حلس» في مني مشهور، وهناك قرية كذلك كانت تسمى «آل التيس» وجرى تغيير اسمها بعد رفع طلب من شيخ القبيلة وبعض الأعيان إلى إمارة عسير التي وجهت بالموافقة على تغيير الاسم السابق إلى «الحزم»، والذي اتفق عليه أهالي القرية المذكورة.

مسميات

لا تكاد تخلو محافظة أو مدينة في منطقة عسير من أسماء غريبة تحملها بعض القرى والأحياء منها ما هو متوارث ومنها ما استجد مع لجان التسمية قبل الأخيرة.

ومن تلك المسميات التي أطلقت على الشوارع «جزمة، الحلال، النيجر، الجهيشة، الحبق، البدر الفيومي، البويرك، الوحلة، الذيد، حلبجة، مطروح وأم درماء»، وكذلك قرى وأماكن حملت أسماء «القبر - عنطوطة - أبو ثور - السلب - بخشة - شرقي ورقة - أبو النار، زنيفر».

انتقاد

انتقد مواطنون ومثقفون ومسؤولون الجهات المعنية عن اعتماد تلك المسميات وتنفيذها، وما تبعها من هدر مالي، حيث يرى البعض أن هناك أسماء قديمة لبعض أحياء أبها ومنها «القابل» و«شمسان»، عرفت على مدى عشرات السنين لدى الناس فلماذا يتم تغييرها؟، وكأن اللجنة المعنية تسلب بذلك مشاعر الأهالي وارتباطهم المديد بتلك الأماكن.

وكان النادي الأدبي في أبها قد تفاعل مع الوضع وشهدت إحدى فعالياته امتعاضا شديدا من قبل مثقفي المنطقة حول تلك المسميات.

الباحة

تتعدد أسماء الأماكن في منطقة الباحة، من مكان إلى مكان آخر، والبعض سميت لدلالات معينة، ومنها «القمع»، ومعناها أعلى الأشياء، حيث تتربع على قمة وسفوح جبل بركاني أشبه بسنام البعير، وهي من قرى بالشهم ببلجرشي. وهناك «القعر»، وهو اسم لقرى كثيرة في المملكة وخارجها، وقعر الشيء أسفله أو المنخفض منه، وهي من قرى «ناوان» بالمخواة.

وهناك كذلك «قدران»، وهي من قرى وادي سقاما ومنها مدخل وادي مليل، وتقع بين جبلين كفوهة قدر كبير، ويقال إنها قدرون التي وردت في التوراة.

وكذلك هناك «الثعبان» وادي بمركز ناوان يرفد وادي قرما وتقع عليه مجموعة من القرى، وهناك قرية في سراة زهران تحمل نفس المسمى، وربما جاءت التسمية من كثرة الزواحف بالوادي، وبالقرب منها آثار عشم والمسعودة.

وكذلك هناك «السكران» وهي أسماء مواضع في المنطقة، منها متنزه السكران ببلجرشي، وقرية السكران بالمخواة، و«السكران» بلدة في الدوادمي نسبة لعشيرة السكران التميمية.

وهناك «جرب» وهو وادي في العقيق بالباحة، وبه بلدة «جرب» والاسم قديم، وورد ذكره في معجم البلدان لياقوت الحموي.

المجاردة

حملت قرى في محافظتي المجاردة وبارق مسميات قديمة ذات معان ومدلولات لدى سكانها فقط، لكنها تبدو لغير أهلها وكأنها غريبة أو غير ملائمة، ولذا شرعت الجهات الرسمية في تغيير مسمياتها باستثناء وزارة النقل التي لم تتفاعل مع تغيير المسميات بل لا زالت لوحات وزارة النقل تحمل المسميات القديمة لتلك المراكز والقرى.

فقرى وادي «بَقْرة» (بفتح الباء وتسكين القاف) التابعة لثلوث المنظر ببارق، كانت تعرف بهذا الاسم منذ القدم ويعود سبب تسميتها إلى واديها الواسع بين الجبال، ومع التطور وتكاثر السكان ووجود المدارس في القرية، وما ترتب على ذلك من معاملات ومخاطبات وزارية تم تغيير المسمى إلى وادي الخير بدلاً من (بقرة)، بعد مخاطبات مع إمارة المنطقة ووزارة الداخلية والتعليم.

قديما، لم يكن أهل المنطقة يجدون حرجا في المسمى لاعتيادهم عليه، ومعرفتهم بمعناه ونطقه الصحيحين، أما من لا يعرف المسمى الصحيح فينطقه بفتح القاف فيتشابه الاسم مع الحيوان «البقرة»، ووجود الاسم على بعض المدارس والسجلات الرسمية (كشهادة الميلاد أو الهوية الوطنية والشهادات الدراسية) كان مربكا، لذا طلب أهل المنطقة تغيير المسمى وعودة الاسم القديم جداً للوادي وهو (الغيناء)، وتم التغيير مؤخرا إلى (وادي الخير).

وفي محافظة بارق قرى تحمل مسميات (الخرباء والزريبة وقرن الشغوب) تم تغييرها فأصبحت الخرباء النسيم، والشغوب الشفا، في حين لا زالت الزريبة وامكاربه وعضوضه وبتلة وعدوان تحمل أسماءها دون تغيير.

تغيير

كانت بلدية المجاردة بدأت قبل أكثر من 10 سنوات استكمال المرحلة الأولى من مشروع تسمية شوارع وأحياء المحافظة داخل النطاق العمراني، وتمت تسمية كافة أحياء المحافظة بمسميات جديدة (كالنسيم والتقدم والفيصلية والزهور... الخ). كما غيرت تسمية الشوارع الرئيسة، فقد كان الشارع العام الذي يربط المحافظة بمحافظة بارق، ويعد المدخل الثاني للمحافظة من الطريق الدولي (جدة - اليمن) يحمل مسمى شارع «العرقوب»، ولكن بعد حادثة استشهاد 3 من أبناء المحافظة في نفس الموقع صدر توجيه أمير المنطقة (سابقاً) الأمير فيصل بن خالد بتغييره إلى «شارع الشهداء» تكريما وتخليدا لذكراهم.

لوحات

في مركز «عبس» التابع لمحافظة المجاردة لا زالت لوحات وزارة النقل تشير إلى المركز بمسمى (عمار) وسبب التسمية قديمة منذ عشرات السنين، عندما نفذت الشركة الأجنبية مشروع الأسفلت في القرية آنذاك، وانتهى العمل والمشروع في آخر نقطة للمشروع في قرية آل عمار. فوضعت اسم (عمار) على اللوحة التي تشير للمكان، علما أن (آل عمار) قبيلة ضمن عدة قبائل بمركز عبس.

وينطبق الأمر على مركز «ختبة»، حيث انتهى مشروع الطريق للقرية في موقع يسمى (كعوان) فأطلقت نفس الشركة على القرية كاملة اسم (كاوان) التي تعرف حاليا بمركز (ختبة)، وتشمل كل القرى بالمركز، ولا زالت المسميات القديمة على لوحات وزارة النقل.

بدورها، غيرت بلدية المجاردة مسميات عدد من الأحياء مثل السند والجبهة والحواجر وعذيبة وصفا البيداء والقدح والحدبة والقظيف والخضراء، ليتم تسميتها جميعا بمسمى واحد، هو «حي النسيم».

جازان

«الجنية، القبر، سوق الليل، أبو ثور، أم القعاميص، كعلول»، أسماء غير مالوفة لعدد من قرى منطقة جازان، بقيت صامدة في وجه التغيرات، على الرغم من المطالبات بتغييرها، وتعديل أسمائها أسوة ببعض القرى الأخرى التي تم تغيير أسمائها، من أهمها: «العر» التي تغيرت إلى «العز»، و«مركوزة» التي تغيرت إلى «العثمانية»، و«أبو اللهب» التي تغيرت إلى «أبو الذهب»، في وقت يرفض فريق من السكان تغيير اسم قريتهم، بينما ينادي فريق آخر بتحرك الجهة المختصة لتغيير بعض الأسماء غير المألوفة.

لفت الأنظار

في جازان، تحمل المحافظات أسماء لقرى عدة منها «القبر، مجعر، أبو ثور، خبت سعيد، المجنة، الجنية، أبو ذيل، سوق الليل، المكنبل، حندود، حنيشة، المصليبة، المقرقم، السلب، أم الشباقا، أم المعنق، أبوطوق، المصقاعة، كعلول، جحيش، أم القعاميص، ملقوطة، جحفار، جعيرة»، وغيرها كثير.

اختلاف

رصدت «الوطن» اختلاف المواطنين، بين المطالبة بالتغيير، لاعتبارات التطوير، ومواكبة النهضة الشاملة للمملكة، وعدم صلاحية بعض الأسماء التي تدعو إلى التشاؤم، وعدم تقبل أسمائها، والتي سببت كثيرا من الإحراجات لساكنيها، فيما يرى فريق آخر، عدم جدوى التغيير حاليا، بعد ثبات الأسماء، وتداولها، مشيرين إلى أن سكان كل قرية يفتخرون بمسمى قريتهم دون تمييز، خصوصا تلك التي شهدت أحداثا تاريخية داخل أراضيها، وأصبح لها صيت كبير، مستشهدين بقبيلة بني أنف الناقة الذين كانوا يستحون من مناداتهم بهذا الاسم، وبعد مدحهم من قبل الشاعر حسان بن ثابت بقوله «قوم هم الأنف والأذناب غيرهم، ومن يساوي بأنف الناقة الذنبا» أصبحوا يتفاخرون باسمهم.

آلية مختصة

أكد المتحدث الرسمي لإمارة منطقة جازان علي بن موسى زعلة لـ«الوطن»، أن هناك آلية ولجنة مختصة في أمانة المنطقة، والبلديات التابعة لها، للنظر في تسمية القرى والشوارع.

وضع بيئي

أوضح شيخ شمل قبائل بني شبيل الشيخ منصور بن حسين مديش بجوي أن أسماء القرى جاءت أحيانا مستندة إلى الوضع البيئي الذي كانت فيه سابقا مثل «القائم»، و«صاحب البار»، مشيرا إلى أن القرى عرفت بمسمياتها الحالية لما كان يحصل بها من حوادث، مثل قرية «مجعر» التي كانت تكثر فيها حيوانات مشهورة وهي «الجعاري»، مؤكدا أن تغيير أسماء القرى حاليا صعب جدا، لأنها ستبقى بأسمائها السابقة حتى لو تغيرت.

أسباب تسمية القرى

الوضع البيئي

الأحداث المصاحبة داخل القرى

التأثر بالأوضاع

إطلاق الألقاب واستقرارها

اتفاق المشايخ على التسمية

بعض أسماء القرى

الجنية

القبر

المجنة

سوق الليل

أبو ثور

أم القعاميص

كعلول

أبوذيل

ملقوطة

مجعر