- علمتني كورونا..

2 - روحانية ذاتية

لا فرح يملأ أرواحنا كفرحنا بقدوم شهر الخير والبركة.. شهر رمضان الذي اعتدنا أن يسكن الشوق إليه قلوبنا مع آخر ليلة فيه من كل عام فيكون عيدنا مشوباً بدمعات فرح عذبة بفطر سعيد ممزوج بملوحة شوق لليالي الشهر الكريم، استقبالنا لرمضان المغفرة والرحمة والعتق من النار مختلف هذا العام.. فالاحتفاء به سيكون خاصاً لا عاماً.. وروحانياته ستكون داخل البيوت بدل ساحات المساجد ومنابرها.. أما العمرة أو الزيارة التي ستستحيل على عبادة الجسد إلا أنها ستبلغ أجرها عند الله ما دامت الأعمال بالنيات..

لذلك.. لا داعي أن يمر الشهر ونحن في حزن وتباك لا يتناسب مع ما أمرنا الله به من الرضا بالأقدار خيرها وشرها.. فديننا دين يسر وسهولة بتعاليم مرنة تجعله صالحا لكل زمان ومكان لذلك هو خاتم الأديان..

من رحمة الله بنا أن جعل لنا مصادر تشريع مرنة كالإجماع والقياس والتي من خلالها ظهرت المدارس الفقهية التي جاءت نتيجة تطور الحياة والحاجة إلى بيان ما التبس على الناس من تشريعات دعت إليها مستجدات الحياة بتطوراتها، على أن تكون كلها أحكاما أساسها كتاب الله وسنة رسوله ﷺ.

لذلك ومع جائحة كورونا نحن بأمس الحاجة إلى أن نطمئن بالله ثم قياس علماء الأمس واليوم، لندرك أن المنع المؤقت للعمرة والزيارة ولصلاة الفرض وصلاة التراويح في المساجد ما هو إلا احترازات تستند على قول الله تعالى (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)، وأن شهر رمضان المبارك وإن عز علينا الحرمان من روحانيته العامة إلا أن روحانيته الخاصة قد تكون أكثر تأثيرا، لو تركنا عنا التباكي وركزنا على اللجوء إلى الله ليزيح عنا هذا الكرب أكثر من الحزن على ما حالت بيننا ظروف المنع من ممارسته من أجل السلامة والمصلحة العامة.

ابن تيمية قال: وأما إذا كان بينهما (الإمام والمأموم) حائل يمنع الرؤية ففيها عدة أقوال في مذهب أحمد وغيره، فقيل لا يجوز وقيل يجوز وقيل يجوز في المساجد دون غيرها، وقيل يجوز مع الحاجة ولا يجوز بدون الحاجة.

ابن عثيمين لم يجز الصلاة خلف المذياع أو التلفاز لأنه رأى ذلك تهاونا في الحرص على الجماعة، ولعدم تحقق اتحاد الصفوف، علماً بأن ذلك في الأحوال العادية لا في الأزمات كأزمتنا هذه.

أما مذهب الحنفية على ما ذكر الإمام الشرنبلالي أنه يصح اقتداء المأموم وبينه وبين الإمام حائط كبير لا يمكن الوصول منه إليه متى ما كان المأموم على علم بانتقالات الإمام بسماع أو رؤية، فالعبرة بعدم الاشتباه، فقد روي أن سيدي رسول الله ﷺ كان يصلي في حجرة عائشة رضي الله عنها والناس في المسجد يصلون بصلاته.. وعلى هذا صح الاقتداء به.

الشيخ محمد العيسى أمين عام رابطة العالم الإسلامي علق في مقابلة مع قناة الإخبارية على التساهل أمام قرار تعليق الصلاة في المساجد بأنه من الكبائر، حيث قال: (قرار هيئة كبار العلماء بخصوص جائحة كورونا، قرار استند على نصوص وقواعد شرعية واضحة، وأن القرار مؤسس ومؤصل شرعاً، وأن هذا القرار كشف سماحة الدين الحنيف وسعة الأفق العلمي لهيئة كبار العلماء في فهم مقاصد الشريعة السمحة)..

وقياساً على كلامه.. ينطبق على شعائر رمضان ما انطبق على شعائر الفروض قبله.

ما يمر به العالم الآن ظرف يجب أن نقف أمامه بحزم حتى نعود بأسرع وقت إلى حياتنا الطبيعية حتى لو اضطررنا إلى أن نُحرم مؤقتاً من بعض ما نحب ونهوى.

خلاصة القول #كلنا_مسؤول في استقبال الشهر الكريم بفرح يهزم قسوة الظروف.. وبالالتزام يجعلنا نسهل على مسؤولينا أمر محاصرة كورونا، و #كلنا_مسؤول في أن نعيش رمضان بروحانية خاصة تليق به ليكون لنا شهر خير وبركة ورحمة وعتق من النار بأمر الله تعالى.